صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

حاشية على متن ع الباز

9

حاطب ليل

د. عبد اللطيف البوني

حاشية على متن ع الباز


)1 (
أوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية المضطربة ولعقود متتالية حرمتنا من مباهج الدنيا فالأزمات أحاطت بنا من كل جانب حتى وصلت اللحم الحي المتمثل في الرغيف والوقود لا بل حتى في قليل الأموال التي نملكها ثم اضف لذلك تقدم العمر وقدم القدرة على )المكابسة( لتصبح النتيجة القرف وانسداد النفس وسقوط الملذات الحسية واحدة تلو الأخرى فالسكر مع غلائه يسبب كذا وكذا واللحم مع ارتفاع أسعاره يسبب كذا وكذا والسفر مع انعدام القدرة على تذاكره يرهق الجسم ويشغل البال فطالما أن البلاد مريضة فينبغي ملازمتها وهكذا لم يبق لنا ونحن في هذه الكهولة إلا قراءة كتاب أو الفرجة على مشهد أو صحبة ماجد ومن هؤلاء الأماجد الذين أجد في صحبتهم متعة وفائدة الصديق الوفي\ الاستاذ عادل أحمد الباز الكاتب الكبير والذواقة الماهر لكل فنون الأدب والرياضة وهاهو عادل يكمل الناقصة ويحمل )بقجته( ويركب القطرية ويحرمنا منه.
)2 (
في ذات ونسة تلفونية عادل ونحن نستعرض حصاد الهشيم الذي تعيشه البلاد قلت له في ظني أن الخراب المتنامي الذي تعيشه بلادنا نتيجة تراكمات طويلة فالأجيال التي سبقتنا لم تترك لنا ما نبني عليه وسألته في ظنك هل هناك شيء إيجابي ورثناه من تلك الأجيال حتى لا نظلمها ؟ أجاب الباز بدون تردد نعم شيء وحيد تركته تلك الأجيال يمكن أن نقول فيه فائدة وهو فن الغناء ولا شيء غيره وجدت نفسي متفقاً اتفاقاً تاماً مع الباز أن الغناء السوداني اكتفينا به عما سواه وقد أصبح أهم زاد )بنمسح بيه أحزان الزمن ( لم يعد الغناء بالنسبة لنا أداة تطريب ومركب رومانسي للهروب من واقعنا الأليم إنما أصبح مأوى وجدانياً وعالماً جمالياً نعيش فيه ومساحة من الهدوء والراحة نتمدد فيها عندما نسمعه وعندما نجتره على انفراد.
)3 (
الغناء السوداني من سرور وكرومة )معاك في داخل الخدر \فؤادي المالكه من بدري| حبيبي بالعلي تدري( إلى زيدان وهو يتدكن )بري اسحن لي يا الولد ده\ احرق الجازولين …( يشجينا بغض النظر كان محجبا منقبا او متحررا سافرا وبهذه المناسبة نقول بملء الفم ليس هناك غناء هابط وآخر مرتفع فالغناء هو الغناء وكل مفردة منه في موضعها جميلة سواء كانت )وشوشني العبير فاتشيت وساقني الهوى فما ابيت ( إلى)سائق العظمة سافر خلاني وين( أو )حبيبتي عمري تفشى الخبر…( إلى )مبروك عليك الليلة يانعومة ياحليل ناس ديل الزمان بجونا(
)3 (
الغناء السوداني في الكلمة فاق كل الغناء العربي المعاصر له وهنا يكفي الدوش وحده )تمشي معايا وتروحي\ وتمشي معاي وسط روحي \ لاالبلقاه بيعرفني ولا بعرف معاك روحي( وفي الالحان يتحدى كل بلاد السلم السباعي من الهند إلى موريتانيا وتكفي هنا ألحان عمر الشاعر )في الليلة ديك ..( وحسن بابكر )عشان خاطرنا \خلي عيونك الحلوين تسالمنا( بالاضافة للعقد النضيد من كبار الفنانين والملحنين أما الأداء فهو الذي يفعل بنا الأفاعيل وهنا تنهال الأسماء إبراهيم عوض )وريني ليه بتخاف تكتم عواطفك ليه ؟( الباشكاتب أبو اللمين ) تعال فرح ليالينا , تعال قبل السنين تجري ..( والجابري عندما يقوم بنمرة أربعة من قولة تيت )مافي حتى رسالة واحدة(
)4 (
شكراً كل فناني السودان من جيل خليل فرح إلى جيل هدى عربي فأنتم كما قال الباز الوحيدون الذين تركتوا لنا إرثا يغنينا عن غيركم أنتم دون كل الآخرين من تركوا لنا أملاً نتمسك به )الرواكيب الصغيرة تبقى أكبر من مدن( أنتم الوحيدون الذين دعوتمونا إلى محبة هذا السودان )طيره صوادح وروضه جنان \ واحب مكان ..( انتهت المساحة ولم ينتهي الكلام

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد