لعل المتابع لمشوار ومسيرة السيد مبارك أردول منذ أن عمل مديراً للشركة السودانية للموارد المعدنية ، يلحظ ان الرجل كان أول من اساءَ للثورة وحكومتها ، بطرق غير مباشرة عندما لم يكن بحجم الأمانة والمسئولية فحامت حوله شبهات الفساد وتسربت المستندات الرمادية بعباراتها الملتوية وكان حديث المجالس والاعلام ، دون غيره من الذين شاركوا في حكومة الثورة.
فالثورة السودانية قيمتها انها كانت ولا زالت ضمير حي يحاصر كل الذين شاركوا في الحكومة باسمها او حتى الذين يرفعون شعاراتها ان المبدأ والاخلاق ديدنهم ، فهي جاءت لمحاربة الفساد لا لتكون جزءاً منه، ولمناهضة الظلم لذلك رفعت شعار العدالة هذا الضمير يمنع كل الذين تراودهم أفكارهم او تأتيهم النفس الامارة بالسوء برغبة أكيدة أن يحيدوا عن طريق الاخلاق ، وان أغلب المسئولين فيها كانوا أكثر علماً ودراية وحرصاً على ان يكون مشوارهم نظيفاً ناصعاً كسيرة الثورة وكثوبها الابيض الخالي من الدنس الا القليل،
وكان مبارك اردول من القليل الذين أساءوا أدب الثورة باكراً، فمنذ ان تقلد المنصب حاصرته الاتهامات وطافت حوله الشبهات انه ليس ببعيد من حلبة اللعب بالمال العام، تحت مظلة هواية جمع المبالغ المالية والتبرعات وظل لا عمل له في الادارة سوى تقديم التبرعات من مال المعادن فأول ماقدم له دعماً هي القوات المسلحة في الفشقة، وبعدها قام بعمل مايسمى بالمحفظة وكذلك تقديم دعم لمناطق مختلفة في شمال السودان وشرقه ومن بعدها أعلن عن القومة لدارفور التي قام فيها بإجبار المسئولين في المجال لتقديم دعم بسقف معين كله من خزينة الشركة وليس خزينة الدولة لأن مثلما للدولة خزينة لشركة المعادن خزينة فاردول يمثل وزير مالية بذاته.
فهو كالذين قبله ممن قصدوا ان يخونوا التعبير قبل أن يخونهم كخيانتهم للثورة ويبدو ان حلمه الصحو بأن يتقلد رفيع المناصب، ليلفظه الطغيان على رمال اليابسة جعله يقول إن عهد الثورة من أجل الاسقاط قد انتهى وانتقلنا لمرحلة الثورة من أجل البناء وتأسيس النظام الذي نريده بديلاً ديمقراطياً يأتي بارادة الجماهير، وأضاف: فلا ثورة ستقوم على ثورة الا تكون مضادة لها، فإذا أخذت الأولى شعارات سمحة فليبحث الداعين الآن لشعاراتهم المضادة .
فرياح الثورة والتغيير قد تأتي أيضاً بالذين لا يستندون على مبدأ ولا يرتكزون على فكرٍ وفكرة إلا (الأنا) التي تغزو موات قلوبهم و الشيزوفرينيا التي صورت لهم سوءات أفعالهم حسنات لكنه السقوط في مستنقع الذاتية الآسن والتلوُّن كما الحِرباء على شجرة الزقوم الذابلة والتي لن يتجرع زُعافها سواهم.
قال ان السقوط بات مستحيلاً، كيف لا يكون مستحيلاً بوجهة نظره وهو الذي جعلته الصدفة على منصات المسئولية ممكناً ؟!
ليأتي ويحدثنا عن ان الثورة وتغيير النظام المخلوع كان للعسكريين والحركات المسلحة دور كبير فيه ولا يمكن ان نختصره على الديسمبريين فقط).
ولكن اما سأل أردول نفسه لماذا ينسب الفضل للديسمبريين فقط ، لأنهم كانوا ومازالوا على العهد ، لم يتلونوا مثلكم ويبدلوا ثيابهم ، فالجميع في البدايات رائع ومثالي، ولكن ياسيدي العبرة بالخواتيم.
فليس المهم الآن من شارك في ٦ ابريل الذي خلع نظام البشير المهم (٦ ابريل) المقبل من الذي سيشارك فيه ؟
لن تجد أحداً يواجه المدفع ويفتح صدره للموت غير الديسمبريين، لن تستطيع انت والحركات والعسكر وحميدتي ان تقفوا مع الشعب كما وقفتم من قبل، فالثورات عندما تدق طبولها الكل يقف معها ويشاركها الهتاف، فجهاز أمن البشير كان موجوداً في القيادة ، والجواسيس والخونة ، كانوا وسط الثوار يتقاسمون معهم الطعام، فساحة القيادة والنوم على الاسفلت فيها لا يمنح أحداً البطولة ولا يعني انك نصير الثورة ولا يشفع لكم أبداً فالعساكر الذين وقفوا مع الثورة هتفت لهم (جيش واحد شعب واحد) غدروا بها وحميدتي (الضكران الخوف الكيزان) طعنها في ظهرها، كلهم خانوها بفضهم للاعتصام الذي يعد أكبر خيانة لها، وحتى الحركات عندما هتفت لها الثورة وجعلت السلام واحداً من شعاراتها ( ياعنصري ومغرور كل البلد دارفور) خانوها في اول فرصة ووضعوا يدهم مع القتلة واللصوص، عن أي نضال وثورة تتحدث طريق النضال مستقيم لا منعطف فيه ولا تقاطعات ولا منحنيات وطرق فرعية.
لذلك حدثنا عن الحاضر الذي نعيشه أين انتم من الثورة الآن ؟
فالديسمبريون منذ ذلك الوقت الذي (فارقتهم فيه) هم على الشارع والطرقات حتى يوم أمس ، لكنك ليس معهم تعمل الآن مديراً في عهد الانقلاب الذي كنت متعهد مهرجاناته البارع في نصب خيام القصر واحتفالاته، لذلك اكتب لنا عن فشلكم وخيباتكم ومعاناة هذا الشعب الذي خدعتموه بكذبة تصحيح المسار، مضحكة جرأة أردول الذي لا يستحي بعد ان سقط القناع !!
طيف أخير
إياك أن تعاتب من هنت عليه، فلا عتاب لمن استباح أذيتك