أطياف
صباح محمد الحسن
جيش ينازل طفلة !!
لا أحد يمكنه أن يبرر الإساءة والتجريح ويبقى إنقاص الاحترام والعنف اللفظي أمراً مرفوضاً بكل أشكاله وأنواعه في مجتمعنا السوداني، الذي قامت أسوار الأخلاق فيه على جميل القيم والمبادئ، وحصنته من كل رياح يمكن ان تجرفه الى تيارات لا تشبهه ولا تشبه تقاليده واعرافه تلك الأعراف المقدسة القائمة على أساس المحبة والسلام والتسامح لذلك ان كل اسلوب كراهية في الخطاب السياسي او الاجتماعي أمراً مرفوضا بكل أشكاله، فالثورة عندما خرجت جعلت الحرية والسلام شعارها، وسنت قيماً جديدة في الميدان جعلت اسمها يرتقي فوق كل الشبهات وكانت ولازالت تسعى لنبذ العنف اللفظي ضد أية جهة سيادية او غيرها، بالمقابل ترفض ذات العنف وعدم الاحترام لشباب الثورة أنفسهم، وتناهض كل إساءة لهم، فهي اداة بناء وليس هدم، واداة ترابط وتلاقي لا فرقة وشتات، ثورة محترمة لشعب معلم.
ولم يكن يوماً من الايام الشعب السوداني ضد الجيش او القوات المسلحة بل ظل الجيش دائما مكان احترام وتقديس ولم ( يتلوم ) الشعب فيه يوماً، الى ان جاء اللوم من الجيش نفسه عندما خذل ثقة الشعب في القيادة العامة، شعب خرج يهتف (جيش واحد شعب واحد) بالتأكيد ماكانت نيته ان تكون بينه وبين قواته المسلحة قطيعة او جفاء ولكن عندما ( حدث ماحدث ) بكل تفاصيله الوحشية والدموية الغادرة كان لابد ان تطول هذه القوات المسلحة رشاش الكلمات وصوت اللوم والعتاب والتي وبالرغم من أنها لم تكن ( رشاش طلقات ) الا أنها أزعجت القوات المسلحة حد اللجوء الى فتح البلاغات واللجوء الى القضاء.
وقصة طفلة صغيرة لا نبرر لها الخطأ ولكنها مازالت يانعة في سن تحتاج التصويب والتصحيح لأن مسارح الحماس دائماً تخرج فيها الكلمات بطرق عفوية ولا إرادية و دون قصد وكان يجب على قادة الجيش ان يتغاضوا عن مثل هذه التصرفات الصبيانية الصغيرة حتى لا تكون عظمة الجيش وهيبته التي يخافون عليها من المساس تقارع وتناطح طفلة صغيرة فالكبير لا يمكن ان يخوض معركة تجعله صغيراً، العفو فيها والسماح ممكناً، وقيمة عظيمة ترفع قدر صاحبها وتكون له اضافة عكس بعض المواقف التي تأتي خصماً منك دون الشعور بذلك.
والطفلة لدن تقود الجيش الى إعلانه عن تدوين بلاغات ضد ناشطين وإعلاميين، بتهمة الإساءة للقوات المسلحة، التي وصفها بأنها انسياق وراء مخطط يستهدف المنظومة الأمنية في البلاد، هي حق من حقوقه فكل متضرر يمكنه ان يلجأ الى القضاء.
ولكن مصادقة رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، على تعديلات جوهرية في قانون مكافحة جرائم المعلوماتية، يعني العودة الى نظام ما قبل الثورة تدريجياً وهو أمر مزعج يمكن ان ينتقل من مرحلة المطالبة بالحقوق من الغير الى مرحلة التعدي على الغير بسلب حريتهم ومنعهم من حق التعبير، فقط بصورة منمقة وبعبارات جاذبة تستدعي التعاطف باطنها فيه الشكوى وظاهرها من قبله الظلم.
والجيش قال انه عين ضابطاً متخصصاً في جرائم المعلوماتية، لفتح البلاغات ومتابعة الشكاوى. وحسب البيان ذاته، فقد حصل الضابط على تفويض من القائد العام والقوات المسلحة، وفريقه المكون، الذي يشرف عليه المدعي العام العسكري وعضوية ضباط قانونيين من القضاء العسكري يعني (دي نيابة صحافة عسكرية والا ايه) فالذي نعرفه ان المتضرر يلجأ الى فتح بلاغ ومنها يحول البلاغ الى المحكمة لينظر فيه القضاء ولكن ان تكون هناك دائرة خاصة داخل المؤسسة العسكرية للرصد وتصيد الأخطاء فهذا أمر يتعارض مع أهداف وشفافية وقيم الثورة
وأوضح ان مهمة الفريق رصد كافة الإساءات، التي تمس القوات المسلحة بكل مكوناتها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها، مؤكداً أنه اتخذ هذه الخطوة بعد أن ( تجاوزت الإساءات والاتهامات الممنهجة حدود الصبر، وهي ضمن مخطط يستهدف جيش البلاد ومنظومته الأمنية).
ويدين الجيش تجاوزات من الإعلاميين والنشطاء الثوريين وينسى تجاوزاته في حقوقهم وقتما اخفق في حمايتهم وهم في القيادة العامة عندما قالت الفتيات نحن في (عِرضك )ياجيش وتم اغتصابهن أمام بوابة القيادة أي إساءة أعمق من اغتصاب فتاة من قبل قوات نظامية ام سب فتاة لهذه القوات.. ؟؟
لماذ لم يصدر الجيش بياناً واحداً يعبر فيه عن أسفه لهؤلاء الفتيات اللاتي فقدن أغلى مايملكن في عقر داره أليس الجيش لحماية المواطن ام انه يحمى فقط نفسه ويخاف على سمعتها وان سمعة الفتيات ومالحق بهن لايكترث له كثيراً .
تعقلوا واجعلوا لدن تعيش مراحل حياتها بعيداً عن الخوف والرعب لا تعيدوا لها ولأسرتها الايام السوداء في عهد النظام المائت الذي كان جهاز أمنه يشكل بعبعاً وشبحاً كبيراً يؤثر على حياة الناس اليومية ونفسياتهم اجعلوا الطفلة تشعر انها بأمان وتحتفي بمدنيتها التي قلتم انكم تعملون على حمايتها وتفرغوا الى هم أكبر لاسيما ان البلاد تعيش انفلاتاً أمنياً في عدد من ولايات السودان ، قلتوا ان مسؤوليتكم الأمن والسلام بعد توقيع الاتفاق.. ولاشفنا أمن ولاسلام !!!
طيف أخير :
أسوأ مسافة بين شخصين .. سوء الفهم.
الجريدة