* تتجاذب المجلس العسكرى ضغوط داخلية وخارجية كثيفة ومتعارضة انعكست على أدائه المرتبك والمتخبط، بل وعلى نفسيات أعضائه، خاصة اللجنة السياسية التى تتولى إدارة التفاوض والحديث الى الرأى العام ومواجهة أسئلة الصحفيين، وعلى الأخص الناطق الرسمى الفريق (كباشى) الذى ظهرت عليه في الاجتماع الأخير مع لافتات المؤتمر الوطنى علامات توتر كبير تبدى جليا عندما سأله الزميل (عمار أحمد آدم) على انفراد عن سبب الوجود الكثيف لأعضاء حزب المؤتمر الوطنى في الاجتماع رغم الاحاديث المتواترة من أعضاء المجلس عن عدم السماح له بالمشاركة في المرحلة الانتقالية، فأجابه (كباشى) بلهجة غاضبة (يعنى نعمل ليهم شنو؟)!!
* هذا الرد الغاضب لا يدل فقط على التوتر الذى يعانيه المجلس العسكرى، بل على فشله الذريع حتى في إدارة إجتماعاته، دعك من إدارة الأزمة !!
* والإجتماع نفسه يدل على مدى التخبط الذى وصل إليه المجلس بدعوة قوى سياسية هشة يرفضها الشعب لمشاورتها، معتقدا انه سيخرج منها بموقف موحد يستقوى به على المعتصمين وقوى الحرية والتغيير، ويقنع العالم الخارجى بتأييد الشعب له، ولكنه لم يحصد سوى الفوضى والكراسى الطائرة والسخرية، فكيف يمكن لشخص عاقل الإستنصار بأشباح إلا إذا فقد عقله؟!
* المجلس هو المسؤول عن الوضع السئ الذى يعانى منه، برفضه منذ الوهلة الأولى الانحياز للشعب والقوى التى تمثله، واضعا نفسه تحت كم هائل من ضغوط القوى الخارجية .. بعضها يزين له التمسك بالسلطة، في مقابل فتات، كما في حالة السعودية والأمارات ومصر التى تسعى لتحقيق مصالحها، وبعضها يطالبه بتسليم السلطة لحكومة مدنية باسرع من ما يمكن، لان قوانينها لا تسمح لها بالتعامل مع الحكومات العسكرية، كما في حالة الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبى التى لم تعترف بالمجلس العسكرى حتى الآن، ولا ندرى ماذا تخبئه لنا في المستقبل القريب، وبعضها يتخذ موقفا وسطا مثل الإتحاد الأفريقى ويمنحه مهلة زمنية لتحديد موقفه، وهو أيضا نوع من الضغط له تأثيره، وإن لم يكن بالقوة المطلوبة !!
* كما وضع نفسه تحت كمية من الضغوط الداخلية بموقفه السلبى من الثورة، ومنها ما تمارسه الآن بعض الجماعات التى يعلو صوتها في المنابر بالتهديد والوعيد إن لم يستمع المجلس لصوتها، ومنها ظهور بعض المجموعات الإنتهازية التى تطالب بنصيبها في (الغنيمة) رغم مشاركتها في النظام المخلوع حتى لحظة سقوطه، ومجموعات تطالب بالمشاركة في الفترة الانتقالية رغم رفضها للتوقيع على ميثاق الثورة، وأخرى لم تظهر إلا بعد مرواغة المجلس في نقل السلطة الى حكومة إنتقالية مدنية محدودة ليس من المفترض أن يشارك فيها الجميع وكان من الممكن ان تنتظر الى ما بعد الفترة الانتقالية للمشاركة، بالإضافة الى نشوء ضغط نفسى حاد على المجلس العسكرى من داخله يهيئ له بأن مصيره مهدد بالخطر بسبب الاتهامات التى توجه إليه لرفضه تسليم السلطة للمدنيين فاصبح خائفا على نفسه إذا قام بتسليم السلطة بدون ضمانات ..إلخ ، فضلا عن تهامات الخيانة التى يوجهها إليه أنصار النظام المخلوع فيتمسك بالسلطة لحماية نفسه !!
* هذا الوضع السيئ الذى وجد المجلس العسكرى فيه هو من صنع يديه بتأخره في الإستجابة لمطالب الجماهير، وكلما تأخر زاد وضعه سوءا واتسعت الهوة بينه وبين الجماهير الى أن يجد نفسه قد تحول الى عدو بدلا عن شريك خاصة تحت ظل الضغوط الكثيفة التى يواجهها ولا يمكنه التحرر منها ا الانحياز للجماهير !
* على المجلس العسكرى أن يفهم ويعى جيدا أن الحل الوحيد لمشاكله وتعقيداته ومخاوفه هو الشعب، وليس أشباح المؤتمر الوطنى وجحور السلاطين!!