على الرغم من أن الاعتداء على مدير مدرسة الحارة التاسعة أم درمان من قِبل تلاميذه لدرجة أن يتم نقله للمستشفى من شدّة الأذى، ظاهرة مثيرة ومدعاة للتوقف عندها بصورة عاجلة، إلا أن الغريب والمثير حقاً كان في ما رشح عن أسباب ذلك الضرب، وما تتناقله مجالس المدينة من اتهامات بشأن تورط المدير السابق ومعلمين بالمدرسة في تأليب عدد من التلاميذ على المدير الجديد، فماذا كانت جناية الرجل حتى تصل به الأمور لذاك الحد؟ وماذا طرأ على سلوك التلاميذ حد التعدي على مديرهم وطرده؟ وما موقف وزارة التربية وذوي الشأن والاختصاص من تلك القضية التي أصبحت قضية رأي عام بامتياز؟
استنكار المعلمين
استنكرت لجنة المعلمين اعتداء تلاميذ مدرسة الحارة التاسعة بأم درمان، بالضرب على مدير المدرسة الجديدة احتجاجاً على تغيير المدير السابق ونقله لمدرسة أخرى. وقالت رئيس اللجنة بالإنابة عضو سكرتارية تجمع المهنيين قمرية عمر لـ(السوداني): “هذا سلوك غير مقبول وليس للتلاميذ الحق في تعيين مديرهم أو قبوله أو رفضه، فهذا القرار يصدر من المسؤول الإداري بالمحلية ومدير المرحلة الثانوية، هذا فضلاً عن أن هناك مدة محددة للمديرين بالمدارس ومن ثم تبدأ فترة التنقلات دون تدخل من معلمين أو تلاميذ”. ولفتت قمرية إلى أن مدير المدرسة المنقول كان بإمكانه تقديم احتجاج رسمي والطعن في قرار نقله طالما أنه لا يرغب في ذلك، بدلاً عن التسبب في تعريض حياة زميله المدير الجديد للخطر خاصة أنه لم يرتكب جناية بحقه عندما قام بتنفيذ قرار النقل لمدرسة الحارة التاسعة.
المؤامرة
لم تستبعد قمرية عمر، وجود مؤامرة من قبل المدير المُقال والمعلمين والتلاميذ على المدير الجديد، مؤكدة أن ما بدر من التلاميذ هو سلوك غير تربوي واعتداء بالضرب على المدير الجديد لم يكن ليحدث إذا لم يجدوا مساندة من الإدارة القديمة ومعلميها، مشددة على أن تعبئة التلاميذ وتأليبهم على المدير الجديد إدانة تامة للمعلمين.
من جانبه دافع الخبير الأكاديمي د.عبد الجبار الشيخ في حديثه لـ(السوداني) عن المدير المنقول من المدرسة الطيب البلال، وقال إنها مؤامرة حيكت بليل للإطاحة بالمدير من قِبل مديرة المرحلة الثانوية بمحلية كرري التي قال إنها أوقدت نار الفتنة بين الزملاء.
وقال الشيخ إنها مؤامرة (كيزانية) بالمحلية ووزارة التربية من الذين تردى التعليم في حقبتهم، وأضاف أن كل ذلك لتحقيق أغراض شخصية مع كل الذين شاركوا في اعتصام القيادة من المعلمين الشرفاء مما أدى لفصل مدير مدرسة شهداء الحارة التاسعة الثانوية الطيب البلال الذي كانت له وقفة مشهودة مع الثوار بالقيادة العامة وذلك بمعية طلابه.
أصل الحكاية
تعرض مدير مدرسة الثورة الحارة التاسعة بأم درمان للضرب والطرد من قبل تلاميذ المدرسة، اعتراضا على تغيير المدير السابق د.الطيب البلال ونقله تعسفياً وفقاً لقرار صادر من مكتب التعليم بالمحلية لجهة أنه يدفع طلابه للخروج في المواكب والاحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخراً.
من جانبه كشف مدير المدرسة المقال د.الطيب البلال لـ(السوداني) عن أن قرار نقله كان تعسفياً بغرض التخلص منه خاصة أن المدرسة التي تم نقله إليها بالثورة الحارة 29 ولا يوجد بها طالب واحد لسوء بيئتها وترديها، وأشار إلى أن كل الطلاب الذين يتم قبولهم بهذه المدرسة تضطر أسرهم لنقلهم لمدارس أخرى.
ولفت البلال إلى أن مدرسة الحارة التاسعة التي تضم نحو (1500) طالب ما تزال دون مدير بعد ضرب المدير الجديد وطرده.
يُذكر أن أولياء أمور التلاميذ بالمدرسة المعنية تقدموا بمذكرة احتجاج لرئاسة الوزراء لرفع الظلم عن المدير السابق وإعادته لتلاميذه ومدرسته، مطالبين بإقالة إدارة التعليم بالمحلية، مشددين على أن التلاميذ لن يقبلوا بتغيير المدير دون مسوغات موضوعية ومقبولة.
فصل تعسفي
ولفت الخبير د.عبد الجبار إلى أن الطيب البلال تم نقله من مدرسة شهداء الحارة التاسعة الثانوية إلى مدرسة الثورة الحارة (29) الثانوية التي هي أساسا لم تكن موجودة على أرض الواقع بحسب عبد الجبار، وأنها مدرسة منشأة جديدة في هذا العام ولم تكتمل بنيتها التحتية مما أدى إلى تسريح طلابها ومعلميها إلى مدارس محلية كرري، وأضاف: عندما ذهب الطيب البلال للتسليم والتسلم لم يجد مديرا ولا معلما بل ولا طالبا، وكتب استئنافاً لمديرة المرحلة بالمحلية، ولم يقبل استئنافه وتم فصله تعسفيا من التعليم، وقد تم تكليف عدد من المديرين لإدارة مدرسة شهداء الحارة التاسعة التي فُصل منها الطيب البلال، لكنهم لم يجدوا قبولا من المعلمين والطلاب والمجلس التربوي.
مذكرة احتجاج
خرج طلاب مدرسة الثورة الحارة التاسعة في موكب احتجاجي إبان نقل المدير السابق، وسلموا مذكرة لوزير التربية الاتحادي وكذلك المعلمين سلموا مذكرة لوزير التربية الاتحادي لأنه لم يعيّن بعد وزير تربية ولائي ورفع الوزير الاتحادي الأمر لرئاسة الوزراء ورئاسة الوزراء رفعت الأمر لوالي الخرطوم، ولكنه لم يفعل شيئا بحسب إفادات عدد من تلاميذ المدرسة لـ(السوداني).
جذور القصة
ظاهرة الاعتداء على التلاميذ بالضرب من قبل المعلمين ليست مُلفتة، لكن الملفت هو حدوث العكس. وعلى الرغم من أن الاعتداء على المعلمين قليل الحدوث، إلا أنها تكررت في السنوات الأخيرة لكن غالبها من أولياء أمور وأقارب التلاميذ، كان آخرها قبل نحو عام عندما شكلت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم لجنة للتحقيق حول حادثة عم إحدى الطالبات بمدرسة أساس بمنطقة الحاج يوسف الذي اقتحم الفصل واعتدى على المعلمة ضرباً وركلاً داخل الفصل وأمام الطالبات، احتجاجاً على رفض المعلمة للطالبة ومعها مجموعة من الدخول إلى الحصة بسبب تأخرهن عن موعد الحضور، حينها توجهت الطالبة إلى منزلها وأخبرت عمها الذي أتى مسرعا إلى المدرسة وقام بضرب المعلمة مسببا لها الأذى.