تفاقمت مشكلة الكهرباء بالبلاد، وتخطى تأثيرها المباشر، معاناة المواطن من البرمجة طويلة المدى، التي كان لها وقعها السلبي على حياته اليومية ، وأخذت منعطفاً خطيراً يمكن ان يؤثر تأثيراً كبيراً على جوانب مهمة، فبعد معاناة طلاب المدارس، من انقطاع التيار الكهربائي ومراجعة دروسهم على قارعة الطريق تحت اضاءة الشوارع العامة، في وقت جلس فيه عدد من طلاب بعض الولايات لامتحاناتهم وهم لا يعرفون الكهرباء ولا تعرف مدنهم وقراهم.
فيبدو ان الملل الذي تعيشه الأسر السودانية من ساعات البرمجة طويلة المدى سيدخل منحى آخر بعيد عن حاجة المواطن المنزلية للكهرباء، وسيلقي بتأثيره السيئ على جوانب أخرى ، فإن تخرج ٥٠٪ من الصرافات الآلية عن الخدمة وتؤثر على عمل وحركة الجهاز المصرفي فإن الازمة انتقلت من كونها معاناة مواطن الى أنها معاناة مؤسسات دولة وحكومة، وذلك بحسب حديث مسؤول رفيع بشركة الخدمات المصرفية الإلكترونية التابعة لبنك السودان المركزي، والذي كشف عن خروج”50%” من الصرّافات الآلية عن الخدمة، وعزا ذلك للانقطاع المستمرّ في خدمات التيّار الكهربائي، وعدم تغذية الصرّافات بصورةٍ يوميةٍ، بجانب حدوث أعطال في عددٍ كبيرٍ منها، وضعف شبكات خدمة الإنترنت.
في الوقت ذاته تحدث رئيس اتحاد المصارف طه الطيب عن قراراتٍ مرتقبة للبنك المركزي بشأن إجراء إصلاحات كاملة بالبنوك، تمهيداً لدمج البنوك المحلية في النظام المصرفي العالمي لتهيئة المناخ لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية التي من المتوقّع أنّ تبدأ التدّفقات في مطلع شهر أغسطس المقبل من العام الجاري حسب صحيفة الحراك.
وحكومة غير قادرة على توفير كهرباء للصرافات الآلية كيف لها ان تعلن عن استقطاب استثمارات أجنبية ، وتنفيذها فالكهرباء التي تسببت في توقف الصرافات الآلية سيقع تأثيرها على الشركات والبنوك وغيرها من المؤسسات المهمة وستقلق المستثمرين وتقتل فيهم رغبة ونشوة الاستثمار.
وحديث وزير الطاقة والنفط جادين علي عبيد وتصريحاته اصبحت تعاني تذبذباً أشبه بتذبذب التيار الكهربائي فتارة يحكي الوزير عن انخفاض إنتاج الكهرباء بالبلاد وان 54.5 بالمائة من إجمالي قدرة المحطات، وان القدرة الإنتاجية للكهرباء تصل إلى 4000 ميغاواط، بينما الطاقة المنتجة فعلياً حالياً، لا تتعدى 1820 ميغاواط وتارة أخرى يتحدث عن حلول عاجلة لمشكلة الكهرباء نهائياً، وقبلها كان قد قال لا قطوعات للكهرباء في شهر رمضان، ومن ثم عاد ليقول ان البرمجة ستستمر حتى في رمضان، وهاهي تستمر الى مابعده.
ولا نريد الحكومة أن تقر ببعض الأسباب الاخرى التي تحتاج منها الى وقفة جادة في التعامل معها، لاسيما ان الكهرباء تعاني من سوء الإدارة والتخطيط والتنظيم، كل هذه المشاكل تتراكم على المشكلة الأساسية التي تتمثل في عدم توفر موارد كافية لاستيراد الوقود وقطع الغيار، وان القضية الكبرى تتمثل في عدم وجود استراتيجية ورؤية في التعامل مع مصادر الطاقة الرئيسة، مثل الماء والوقود والغاز وغيرها
واذا استمرت الحكومة على اعتمادها على الاتفاقيات الآجلة لشراء الوقود فهذا يعني أن عدم قدرتها على توفير الوقود لقطاع الكهرباء مستمرة.
لذلك وعطفاً على حديث سابق للسيد الوزير الذي حذر من حدوث نقص في إنتاج الكهرباء خلال شهري يونيو/ ويوليو، خاصة أن مستويات المياه خلف الخزانات في أدنى مستوياتها وفصل الخريف في بداياته، فإن أزمة الكهرباء ستستمر الى مابعد شهر اغسطس وربما الى نهاية العام، خاصة ان كل الشركات الأجنبية التي وقعت عقوداً في الاستثمار في هذا المجال لن تبدأ عملها قبل هذا التاريخ، إذاً اليس من الواجب ان تكون الحكومة واضحة وصادقة فيما تقول بدلاً من أن تمارس لعبة التصريحات الزائفة ؟!
طيف أخير:
إن للمحن آجالاً وأعماراً كأعمارِ ابن آدم لا بد وأن تنتهي