صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

بين مطرقة وسندان اليساريين الأسلاميين

11

قولو حسنا

محجوب عروة

بين مطرقة وسندان اليساريين الأسلاميين

 

لا أعتقد إنني اخطأت التحليل السياسي حين أقول أن الثنائية السياسية ظلت تكرس عدم الاستقرار وتضعف الديمقراطية والازدهار الاقتصادي وأوقعت بلادنا تحت التدخل والأجندة الخارجية الضارة التي أضعفت سيادتنا وجعلتنا نتسول الأموال والحلول السياسية بدلاً من الاعتماد على مواردنا الهائلة وقدراتنا وموقعنا الجيواستراتيجي الهام..
كانت الثنائية الأولى قبل الاستقلال بين كيانين وطنيين تقليديين أدى الصراع التاريخي والغيرة بينهما إلى عدم الاستقرار السياسي وتعطل النمو الاقتصادي وأدخلا الجيش القومي المهني في الصراعات السياسية أولها نوفمبر العسكري 1958. أما الثنائية الثانية فبرزت بشكل حاد بين قوى اليسار من جهة ( شيوعيين وناصريين وبعثيين) والحركة الإسلامية بمسمياتها المختلفة أي (الإسلام السياسي) من جهة أخرى.
كانت الثنائية الأولى داخل جهاز الحكم تنفيذي وبرلماني فقط أما الثنائية فكانت على امتداد المجتمع المدني والسياسي برمته من الطلاب والنقابات والمؤسسات التعليمية المختلفة والبرلمانات والأخطر داخل الجيش السوداني وتمثل ذلك في انقلابي مايو 1969 ويونيو 1989كرست الدورة السياسية المفرغة و الصراعات والمكايدات بأسوأ من الثنائية الأولى أدى لعدم الاستقرار والسلام. وهذا عين ما نشاهده اليوم.
في ظل نظامي مايو اليساري السلطوي ثم في الإنقاذي الإسلاموي الشمولي ظللت أكتب ناصحاً وداعياً لتجاوز الأخطاء السياسية الكبرى التي ارتكبها اليساريون والإسلامويون عقب ثورتي أكتوبر 1964 و1985 وفي نظامي مايو والإنقاذ من خرق للدستور وضرب الديمقراطية في مقتل بدأت بحل الحزب الشيوعي فكانت النتيجة انقلاب مايو 1969 اليساري فحدث ما يعرفه الجميع من نهج الانتقام والإقصاء الحاد للآخر وسيادة الدولة الديكتاتورية التي انتهت إلى حكم الفرد وتضرر منها اليساريون ضرراً بليغا على يد النميري).
وعقب انتفاضة إبريل 1985 دفع اليساريون الإسلاميون عبر شعار محاربة السدنة ودعم حركة التمرد في الجنوب إلى خوف شديد فكان انقلاب الإنقاذ الإسلاموي فالنهج الاحترازي والتمكين والانتقام امتد لضرب غير مبرر لحلفاء الإسلاميين السابقين من أمة واتحاديين عبر نهج عدم وفاء لا يتسق مع أخلاق الدين ولا الوطنية.
اليوم وعقب ثورة ذ9 ديسمبر تعود حليمة لقديمها بين اليساريين والإسلاميين بسبب عدم الثقة والخوف المتبادل المؤذن بخراب السودان فكل طرف ذهب يلتمس حلفاء مع آخرين ليقصي الآخر ليضربه في مقتل. عجزوا رغم تعليمهم العالي وثقافتهم وخبراتهم وادعاءاتهم السياسية عن التوصل إلى صيغة ومشتركات تفيد مصالح الوطن قبل المصالح الحزبية الضيقة والتنازع الأيدولوجي..
إن ما نشهده اليوم من تراشقات وتعثر مفاوضات لتحقيق أفضل وضعية لفترة انتقالية محترمة كثورتنا لتجذير الديمقراطية و إنهاء محاولات الإقصاء المتبادل ستقوي التدخل الخارجي وأجندته الضارة بالوطن واستقلاله بل ستضر بهما معاً لأن الإثنين غير مرغوبين إقليمياً ودولياً.
بسبب أخطاء وصراعات ما بعد أكتوبر وإبريل والآن ما يدفعني دائماً لأكتب أن التطور السياسي والدستوري أفضل من الثورات.. ولكن من يسمع؟ من؟؟؟
(إذا استمر صراع الثنائية الثانية سيقع السودان بين المطرقة والسندان وتضيع الديمقراطية مرة أخرى)..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد