لا يختلف اثنان ان مكونات الائتلاف الحاكم تعاني من عدة اشكاليات واضحة وجلية، وتشكو ضعفاً وهشاشة مقلقة، وعصفت بها الخلافات وكادت ان تجعلها في خبر كان وانعكس ذلك سلباً على اداء الحكومة وعمل على عرقلة تحقيق أهداف الثورة المتمثلة في تحقيق العدالة وإصلاح بعض القوانين والتشريعات والاقتصاد وإصلاح الخدمة المدنية ، وتشكيل المجلس التشريعي ، والكثير من المهام التي أصبحت المطالبة بها، لا تتجاوز عبارات وشعارات تردد على منصات الاعلام وأفواه المحللين السياسيين ولكنها أبعد عن الواقع ومن مكاتب القرار السياسي وانتقادات شديدة اللهجة وجهها حاكم دارفور السيد مني اركو مناوي لبعض مكونات قوى الحرية والتغيير وقال بعضهم جلسوا على الكراسي وأجلسونا على (البنابر)، رغم أننا شركاء معهم في التغيير والثورة، وتآمرنا معهم لاسقاط النظام السابق .. ونحن من أسسنا الحرية والتغيير وكتبنا ميثاقها، وخططنا لاعتصام القيادة واضاف: (البياكل براهو بخنق)
وأضاف انهم لا يمكنهم أن يزايدوا علينا، هل هم من حمل البندقية؟، هل هم من ماتوا في دارفور؟، هل ماتوا في البحر الأبيض المتوسط؟، هل تفرقوا في معسكرات النازحين وأضاف: (شعار حرية سلام وعدالة، خرج اول مرة من دار حركتنا).
ومناوي لطالما انه شريك في الثورة وشريك في السلطة واقتسام الكيكة فهو بلا شك شريك في هذا الذي يحدث ، والذي لم يوضحه مناوي فانتقاداته كلها لم يتطرق فيها لمصلحة الوطن ولا معاناة المواطن وظروفه التي عاشها في زمن عهد المخلوع وعهد حكومة قحت وما حمله من ثقل وهم وظروف اقتصادية وفراغ أمني نتيجة تقصير الحكومة وأحزابها، بل كل انتقاده جاء فيما يخص المناصب والمصالح الشخصية.
اذا ماهو الفرق بينه وبينهم فالكراسي التي جلسوا عليها ان لم تكن من نصيبهم لكانت من نصيبه، فما الفرق بين الذي يجلس على الكرسي وبين الذي (يلاويه) لكي يجلس مكانه ؟!
حتى اسلوب مناوي وخطابه السياسي أصبح خطاباً عارياً ومفضوحاً، خطاب ( خم ومأكلة ) فالرجل يقولها بكل صراحة لقوى الحرية والتغيير (ماتاكلو يراكم ) خلونا ناكل معاكم (البياكل براهو بخنق).
فالرجل يقول ان شعار الثورة شعاره وهو الذي (تآمر) مع الاحزاب لإسقاط البشير ويصور نفسه بطلاً صنع ثورة ديسمبر وان الشعب السوداني مفجر الثورة وان الذين ماتوا وقتلوا في القيادة لم يسمع بهم مناوي ولا ترى عيناه المصابة بالرمد ونظرته السياسية القاصرة سوى نفسه وحركته المسلحة والرجل يتحدث عن دارفور فهو الذي لا علاقه له بدارفور سوى اسم منصبه الجديد (حاكم دارفور ) بينه وبين إنسانها اميال ومسافات يعلمها جيداً وستظهر هذه الفجوة في الايام القادمة بعد ان تنتهي احتفالات التنصيب والأضواء ويجلس هناك في مكتبه عندها سينكشف المستور وتبين علاقة الحاكم بشعبه.
وفي عملية الاستدعاء التي قام بها مناوي لبعض المواقف في ذاكرته كالموت في دارفور والبحر الابيض المتوسط لم يجتر مناوي علاقته بحكم المخلوع ومشاركته في حكومته بمنصب مساعد للمخلوع هذا المنصب الذي يشكل له عقدة سياسية كلما نظر في مرآة الثورة ورأى نفسه كبير مساعدي البشير سابقاً وحاكم دارفور في حكومة الثورة حالياً هتف بإسم المصالحة الوطنية مع الإسلاميين علها ان حدثت تجعل الجميع يشعر بعقدة الذنب أمام مرآة الثورة بدلاً من ان يعيشها وحده.
وبحديثه أكد مناوي انه حقاً لاعلاقة له بثورة ديسمبر المجيدة التي لم تأت لحصد المناصب وتوزيع الحصص وإعادة التمكين ، لم تفجر ثورة ديسمبر يا مناوي للأكل بشراهة ولا ببطء قامت لكي يأكل الشعب وليس انت ولا بعض الاحزاب ولا غيركم من الطامعين ، اما كفاك أكل وانت معارضا ومساعداً للرئيس المخلوع وقائداً مسلحاً، والآن حاكما عاماً للإقليم ، كل هذا ألم يشبع معدتك السياسية ويكفي شهيتك المفتوحة للمناصب.
الذين فجروا الثورة كتبهم التاريخ قبل مجيئك للسودان في صفحاته البيضاء الناصعة عرفهم العالم بأثره وخلدوا بحروف من نور، صانع الثورة هو الشعب السوداني بأكمله ، شعب دارفور والخرطوم والجزيرة والبحر الاحمر والنيل الازرق ونهر النيل والشمالية وكل ولايات وقبائل السودان التي قدمت فلذات أكبادها شهداء قتلوا وحرقوا وطفت جثثهم في البحر غدراً ، أين كنت أنت وقتها ، في أي دولة وأي فندق اما كنت تشاهد الثورة السودانية عبر الشاشات كما تشاهد مباراة فريقك المفضل في كأس العالم ، وتنظر اللحظة النهائية حتى تأتي الى الخرطوم لتجلس على (بنبرك) او مقعدك في الحكومة.
ليتفرغ حاكم دارفور لقضاياه الموكلة اليه و ( يورينا شطارته) في وظيفته الجديدة التي كان هناك الف شخص من ابناء دارفور الأكفاء أجدر منه بكثير ولكنها المحاصصات والمجاملات و سباق المناصب الا يرى مناوي ان هذا (البنبر) في حد ذاته مسئولية أكبر عليه مقارنة بإمكانياته ؟!