(1) للحجر دور كبير في تاريخ البشرية، فلم تقم حضارة إنسانية والا كان للحجر يد طولى فيها، وأعظم الحجارة الحجر الاسود، وبه حقن الله دماء القرشيين، ومعلوم قصة الحجر الاسود، عندما اختلف صناديد قريش، في من له شرف رفع الحجر الاسود ووضعه في مكانه بالكعبة ، وكادت أن تندلع حرب أهلية (بمفردات اليوم) ولكن تدخل احد العقلاء، واقترح بأن أول من يخرج عليهم، يرضون بحكمه، فكان محمد بن عبد الله ، رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء بقطعة قماش ووضع الحجر الاسود عليها، وطلب من كل قبيلة أن تمسك بطرف، ثم قام بتناول الحجر ووضعه بيديه الشريفين في مكانه، وبهذا التصرف الحكيم، كفى الله القرشيين شر القتال والحرب، ومن الحجارة أيضاً حصى سيدنا ابراهيم عليه السلام، حين رمى الشيطان بالحصى، وصارت سنة رمي الجمرات، ومن الحجارة أيضاً حجارة ابرهة حين أراد هدم الكعبة، فارسل الله عليهم طير ابابيل، رمتهم بحجارة من سجيل، واعجب الحجارة، حجارة سيدنا موسى عليه السلام، عندما طلب منه قومه السقيا، فأتاه الأمر الرباني، بأن اضرب بعصاك الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، وأيضاً من الحجارة لما بهبط من خشية الله، ومنها كما ذكرنا ماتتفجر منه الماء.
(2) وفي تاريخنا المعاصر، وعقب سقوط جدار برلين الذي كان يفصل بين الالمانيتين، شاهدنا تسابق الألمان لأخذ حجارة الجدار والاحتفاظ بها للذكرى، ولكن أشهر الحجارة هي حجارة فلسطين، او انتفاضة الحجارة، وعندما لم يجد شباب وأطفال فلسطين، من يمدهم بالسلاح ولو السلاح الابيض، ولم يجدوا من العالم العربي والإسلامي الا عبارات الشجب والتنديد والاستنكار، لما تقوم به اسرائيل تجاههم، فلجأوا إلى سلاح الحجارة، فاصبح الحجر سلاح يخافه ويخشاه جنود الاحتلال.
(3) وفي تاريخ السودان المعاصر، لا أحد يستطيع أن ينكر دور الحجارة في ثورة ديسمبر المباركة، فقد ساعدت وساهمت الحجارة في تتريس الشوارع والاحياء السكنية من دوريات الكجر، ومطاردتها للثوار، وساعدت في دحر تلك القوات، التي كانت ومازالت وستظل تستخدم الرصاص الحي، والمطاطي والخرطوش، في وجه من يطالبون بحقهم في سلطة مدنية ودولة ديمقراطية، رافعين ثلاثية حرية سلام عدالة، فاصبح للحجر الثوري دور بارز في نجاح الثورة، وهو أحد وسائل مقاومة الانقلاب، واذا كان داوود قتل جالوت بحجر، فان الحجارة الثورية ستنهي أمر هذا الانقلاب، وأمر اللجنة الأمنية للمخلوع البشير.