بعد سقوط المخلوع بدأت عدة دول في تجهيز خططها وأجنداتها الخاصة بالسودان ، فكانت دولة الامارات هي الدولة الاولى التي أسرعت بخطاها تجاه السودان حتى تسبق غيرها، لذلك قامت الإمارات بدعوة عدد من المسؤولين السودانيين ولأكثر من مرة ، كما كانت الامارات ايضا هي الدولة التي مهدت الطريق لإقامة السودان علاقات مع دولة اسرائيل بعد ان اتفقت مع عدد من المسئولين السودانين من القيادات العسكرية وجمعت بينهم وإسرائيليين ، لذلك كانت النتيجة انه وفي ذات العام الذي رسمت فيه الامارات خارطة الطريق ، لذلك كانت النتيجة هو اتّفاق السودان وإسرائيل على تطبيع العلاقة بينهما ،بتوقيع رئيس مجلس السيادة الذي وضع حجر الاساس لهذا البناء مع رئيس مجلس الوزراء الاسرائيلي ، وتجد ان الامارات سبقت الدول ايضاً بخطوة عندما تبنت قضية رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب واستضافت عدد من المسؤولين السودانيين الذين بدأوا في أبو ظبي اول اجتماعاتهم ونقاشاتهم حول ازالة اسم السودان من القائمة.
واستغلت الامارات غياب كل من قطر وتركيا وابتعادهما عن المشهد السياسي السوداني بعد حكومة الثورة ، وذلك بسبب علاقة الدولتين بنظام حكم المخلوع ودعمها لتنظيم الإخوان المسلمين ، وحذر الحكومة السودانية الانتقالية التي كانت تتحفظ على العلاقة مع الدولتين خوفا من انتقاد الشارع السوداني الذي لن يسمح بعلاقات متينة مع هذه الدول التي كانت تدعم الحكومة السابقة ، ووقفت الحكومة بعيدة عن الدولتين ولم يزر مسئول منها قطر الي مايقارب العام من مجيء الثورة السودانية ، ولكن وفي الشهور الأخيرة الماضية بدأت الحكومة بفتح نوافذ مع دولة قطر خاصة من الجانب العسكري وهذا لايستبعد ان تكون الامارات أيضاً هي المشجعة لهذا التقارب خاصة بعد عودة العلاقات الي طبيعتها مع قطر والتي لو استمرت القطيعة بينهما لكانت الحكومة المتمثلة في شخصية البرهان ستكون علاقاتها ضعيفة بقطر
والملاحظ ان السودان بدأت تتشابك فيه خيوط (التمحور) التي ربما تكون نتائجها سلبية فمحور قطر وتركيا وروسيا لاسيما أن موسكو هي إحدى أبرز الجهات المزودة للأسلحة إلى منطقة أفريقيا وستتيح لها إقامة قاعدة بحرية جديدة في السودان الفرصة لاستغلال مجموعة متنوعة من الفرص العسكرية الجيوسياسية والاقتصادية،واستفادت قطر وتركيا من رياح علاقات التي بدأت تهب عليها من جديد وكأنما هذه الدول ( ملأت يدها ) من المكون العسكري الذي منحها ضوءً اخضر من جديد بالرغم من ان تركيا هي الوجهة والحاضنة الأساسية لرموز نظام المخلوع.
في ذات الوقت محور (السعودية والإمارات ) الذي تحرك خيوطه ايضا قيادات عسكرية وبعض الاحزاب السياسية احزاب ( الحقيبة ) التي وقعت الاتفاقية الشريرة اتفاقية ( الهبوط الناعم ) يجد مناخاً مواتيا لتحقيق مصالحه بمباركة من بعض المدنيين الذي جعلوا هذه الدول الأكثر حظاً في علاقاتها بالشأن السياسي مقارنة بدول اخرى.
ومعلوم ان محور الغرب الداعم للحكومة المدنية ، والذي ينظر للسودان بنظرة جديدة ، بعد قطيعة دامت طويلا مع نظام المخلوع يتطلع لفتح أبوابا اقتصادية واستثمارية عريضة ، لاسيما بعد عودة السودان للحاضنة الدولية وتقدم السودانين كثيراً في طريق الوصول الي التحول الديمقراطي .
لكن يظل السؤال المهم الي اي مدى يكون تأثير المحاور الاخرى على محور الغرب الذي هو الاقرب لتحقيق أهداف الثورة ، ولماذا زاد نشاط المحورين في الفترة الأخيرة تزامناً مع مضي السودان قدما نحو محور الغرب وهل هذه التحركات المكوكية من هذه الدول سيكون له ضرره على صحة هذا التحول ، فبالرغم من أهمية حاجة السودان لفتح علاقات مع الجميع خاصة انه يعاني من ظروف اقتصادية غائرة ، ولكن هل (الإسراف) في هذه العلاقات وتضارب المصالح لهذه الدول التي لاهم لها سوى الظفر بالسودان الغني وموارده المعدنية واراضيه الزراعية الخصبة ، وموقعه الاستراتيجي الذي محط أطماع عديدة، سيكون سببا لاستغلال ظروفه وضياع احلامه المستقبلية في وقت تسعى كل دولة لتحقيق اهدافها اولاً ، ولكن وقبل الختام هل قضيتنا في دول تنسج خططها للحصول على مصالحها ام في بعض ابناء الوطن الذين تهمهم مصلحة هذه الدول أكثر من مصلحة الوطن ؟!
طيف أخير :
اللهم التجاوز ، التخطي ، المرور ، العبور كل شيء الا الوقوف بالمنتصف