بدأ وزراء الحكومة الانتقالية في تصريحات متتالية عقب أداء القسم أمام رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، تتعلق بتحسين معاش الناس، وإحداث نقلة سريعة للمواطن من ظروفه المعيشية الخانقة.
وأولى هذه التصريحات كانت لوزير المالية الدكتور جبريل ابراهيم في تغريدة له على حسابه في تويتر، عندما قال ( لن يغمض لنا جفن حتى نقضي على صفوف الخبز والمحروقات ونوفر الدواء المنقذ للحياة بسعر مقدور عليه، تعاون شعبنا وسلوكه المعبر عن وطنيته وإيثاره للآخر، ركن أساسي لإنجاز هذه المهمة في أقرب وقت).
وكذلك أعلن وزير التجارة، اللواء علي جدو، أولويات الوزارة خلال المرحلة المقبلة وأكد أنها تُركز على معالجة القضايا المرتبطة بمعاش الناس وتشديد الرقابة على الأسواق بمشاركة الجهات ذات الصلة، وأمن اللواء علي جدو على إحكام الرقابة لضمان توفير الدقيق بالتنسيق مع وزارة المالية ووزارة الحكم الاتحادي وجميع الجهات ذات الصلة للقيام بدورها في سبيل تضافر الجهود، بجانب ضبط وتنظيم الأسواق والجودة والمواصفات.
وكنت أتمنى أن يتمهل الوزراء الجدد في اطلاق مثل هذه التصريحات حتى لا تبقى مجرد وعود تخصم من مسيرتهم وتدون انطباعات سلبية في ذهنية المواطن لا سيما ان ادارة الوزارات الاقتصادية في السودان هي من أصعب الوزارات لملفاتها الشائكة وتقاطعاتها وخيوطها المتشابكة مع جهات أخرى، وفي مثل هذه الحالات يبقى التصريح الاستباقي هو ضرب من ضروب التهور تدفعه العاطفة ولا يتجاوز كونه تعبير عن المشاعر والأحاسيس النبيلة ومشاطرة المواطن ظروفه الاستثنائية التي يمر بها، وربما تكون لهؤلاء الوزراء نية صادقة ورغبة أكيدة في تحقيق احلام المواطن، ومد يد العون لانتشاله من همومه المتراكمة ولكن لأن العمل في السودان يختلف كلياً عن كل دول العالم، لأنه لا يقوم وفق القوانين المؤسسية المعروفة لذلك ربما يرسم عدد من الوزراء صورة زاهية لادارة تلك الوزارات لكن قد يصابوا بالخيبة والإحباط عندما يجلسوا على المقعد لذلك هناك بون شاسع مابين الحديث السياسي والعمل التنفيذي.
والشعب السوداني أكثر ما لا يحبه في السياسي هو ان لا ترتبط أقواله بأفعاله او يوعد ويخلف او يعطي زمناً محدداً ولا يلتزم به.
ودونكم مدني عباس مدني الذي قال بعد توليه منصب الوزارة ان مشكلة صفوف الخبز ستنتهي في ثلاثة أسابيع، هذا التصريح الذي أزال جدار الثقة بينه والمواطن وكان سبباً في عدم الإصغاء له في مرات قادمة.
لذلك ان هذه المرحلة الثانية للحكومة يجب أن تكون مرحلة الاعتكاف للعمل المتواصل حتى تتحقق النتائج المطلوبة، لأن المواطن كفّ عن التصفيق إعجاباً للخطابات السياسية البنفسجية، ووعودها البراقة وغادر للأسف المقاعد الأمامية في مسارحها، وأصبح تواقاً لرؤية أفعال حقيقية على أرض الواقع وماعادت تطرب مسامعه مثل هذه الأقوال.
لهذا الوقت للعمل فالجميع ينتظر الوزراء لإحراز هدف يشعل الملعب ويعيد تلك الثقة المفقودة، فاللاعب الجيد لا يعرفه الجمهور عبر الإعلام لكنه يدرك قيمته الحقيقية في المستطيل الأخضر.