قبل أيام هاتفني الرجل المحترم الفريق إبراهيم الرشيد، ولامني على ما اعتقد أنه تحامل مني على القوات المسلحة، وبالأمس أيضاً كنتُ أتحدث مع الزميلة المحترمة سهيرعبد الرحيم صاحبة “خلف الأسوار” حول بلاغ تم فتحه في مواجهتها بحجة الإساءة إلى القوات المسلحة…قلتُ بكل ثقة للفريق إبراهيم الرشيد : (لم يحدث يوماً أن تعرضتُ للقوات المسلحة بأي إساءة، ودونك إرشيفي منذ ثلاثين عاماً إن وجدت مقالاً أساء للمؤسسة العسكرية آتني به)…الزميلة سهير أيضاً قالت في أقوالها أمام النيابة إنها لم تتعرض للقوات المسلحة قط، وتحدت : “دونكم مقالي محل الشكوى، أروني أين الإساءة للقوات المسلحة”..وبعدها بلغنا انزعاج المجلس من كتابتنا، وعدم رضاه عمّا يعتبره إساءة للمؤسسة العسكرية..
هذه المقدمة ضرورية جداً لتثبيت أمر واحد وهو أننا نفرق تماماً بين المجلس العسكري الذي قال في بيانه الأول إنه انحاز للثورة وأهدافها، وإنه يقف مع مطالب الثوار، ولكنه للأسف يفعل الآن أمراً مختلفاً تماماً، وبين قوات الشعب المسلحة التي نقدر تضحياتها، وستظل دائماً محل تقديرنا واحترامنا رغم التشوهات السياسية التي تتركها عادة الاختراقات الحزبية لهذه المؤسسة.
نحن نُفرق بين قوات الشعب المسلحة كمؤسسة قومية، والمجلس العسكري كسلطة فرضت نفسها على الجميع بقوة السلاح والقبضة الأمنية… سلطة أمر واقع، قالت أنها جاءت لتريحنا من جحيم البشير فأزكت أعواده، وقالت إنها انحازت لمطالب الشعب في الحرية واحترام حقوق الإنسان وكرامته ففعلت العكس ..
لذلك، نحن عندما ننتقد المجلس العسكري نصوِّب نقدنا إلى ممارسات سلطة غير مُفوضة تماماً، وفي نفس الوقت تمارس شئون الحكم على نطاق واسع وبدون أدنى حدود، ولا ننتقد المجلس باعتباره ممثلاً للقوات المسلحة..
ننتقد المجلس العسكري كشريك في ثورة شعبية أقصى شركاءه الحقيقيين الذين قادوا الثورة وخططوا لها حتى النجاح، وكتم أنفاسهم واستأثر بالسلطة المطلقة وحده، ورغم ذلك زعم أن شركاءه إقصائيون… ولم يكتف المجلس بذلك، بل صنع شركاء آخرين لم يكن لهم حظٌ في النضال والثورة، وقرّبهم إليه نجيّاً ..
فليكن واضحاً في الأذهان أننا لن نحتكم إلا لضمائرنا، ولن نكتب إلا ما نراه حقاً وصواباً، وليس لنا غرض فيما نكتب إلا إعلاء شأن الحريات والديمقراطية، ومحاربة أشكال الاستبداد والتسلط والفساد، ولم ننل في حياتنا عضوية حزب لا يميناً ولا يساراً ولن يكون ذلك ما كنا على قيد الحياة، لا لشيء إلا لأسباب مهنية بحتة… الـلهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.