صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

المتلازمة السودانية..

9

العصب السابع

شمائل النور

المتلازمة السودانية..

أسوا مرحلة يمكن أن يصل إليها المشهد السياسي في أي بلد، أن تسيطر حالة الجمود. يتوقف الفعل وتتلاوم الأطراف الفاعلة ويرمي كل طرف الآخر بلائحة طويلة من الاتهامات.
المشهد السوداني الآن دخل هذه المرحلة، مرحلة الجمود.
ظلت الأزمة السودانية على مرِّ السنوات الطويلة، سنوات الحرب والسلم ظلت خاضعة لعملية المفاوضات. الاختراق الكبير الذي حدث في السياسة السودانية والذي أحدث تأثيرا مجلجِلا كان نتيجة تفاوضٍ أوقف حرب السنوات الطويلة لكنه دفع بثُلث البلاد لتنشأ دولة جديدة في جنوبه.
تفاوض طويل ومدعوم دوليا قاد لوقف حمامات الدم لكن النتيجة انفصال البلاد إذاً هو تفاوض خاسرٌ بلا شك.
حرب دارفور التي عمرها الآن نحو ستة عشر عاما لم تفلح أي مفاوضات لإحداث اختراق فيها، صحيح يمكن القول أن العمليات العسكرية توقفت لكن آثار الحرب تزداد يوما بعد يوم، الأطراف الرئيسية لا تزال تحمل السلاح مواصلة مسيرها.
ملف دارفور ثم ملف المنطقتين، جنوب كردفان والنيل الأزرق والتي هي واحدة من نتائج اتفاقية نيفاشا غير المحسومة هذه الملفات ظلت في عملية تفاوضٍ مستمر احتضنته منابرٌ خارجية من الدوحة حتى أديس ابابا.
من هناك إلى هنا الصورة ثابتة تصعيد ثم إعلان تفاوض ثم تتوارد الأنباء عن قرب اتفاق بين الطرفين بعدما تسامى الطرفان عن الخلافات، ثم أنباء عن انهيار التفاوض ثم يتبادل الطرفان الاتهامات ويحمِّل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية ما وصل إليه الحال، ثم يفلح الوسيط في إعادة الطرفين إلى طاولة التفاوض لتدور من جديد (دائرة العجز – المتلازمة السودانية).
ذات المشهد الذي تابعناه على مر السنوات يُعاد بثُّه الآن وعلى ذات الطريقة وكأن شيئا لم يتغير، وكأن ثورةً لم تحدث.
الآن الشارع السوداني في مرحلة الانتظار، انتظار طرفي التفاوض، قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري بل إن البعض بات يترقب خطوات الوسيط الأثيوبي أكثر من خطوات طرفي التفاوض.
هل كُتِب على هذا الشعب أن يعيش عمره كله في مشاهدة هذا المسلسل الممل الذي تتشابه حلقاته وتشبه بدايته نهايته ؟.
هل يتوجب على هذا الشعب أن ينسى أنه قام بثورة أذهلت العالم وعليه أن يفكر فقط في أنه لديه (حاجة) عند المجلس العسكري وهو يفاوض لأخذها ؟.
يبدو أنه يتوجب علينا على الدوام أن نذكِّر طرفي التفاوض أنما يتفاوضون عليه هو الثورة وليس حربا بين طرفين.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد