لم يجد المواطن المغلوب على أمره حتى الآن مسوغاً واضحاً لزيادة تعرفة الكهرباء بنسبة مئوية عالية دون تقديم شرح وتوضيح من الحكومة التي أعلنت في وقت سابق أن الموازنة الجديدة لا تتضمن رفع الدعم عن الكهرباء والدقيق.
وحتى الآن لا يعرف أحد الجهة التي إتخذت قرار رفع سعر الكهرباء في ظل الفراغ الإداري والسياسي ، وعدم وجود حكومة تنفيذية منذ إنقلاب قائد الجيش في 25 أكتوبر الماضي والذي كان له اثره السلبي الواضح على حياة المواطن ، وزيادة تعرفة الكهرباء التي فاجأت المواطن وفاقت حدود قدرته واستطاعته ، وكأنه قرار هبط من السماء على رؤوس المواطنين دون ان تخرج جهة بعينها لتتحمل مسئوليته .
وأغلق مواطنون أمس الاول طريق شريان الشمال عند منطقة (الملتقى) بمحلية الدبة احتجاجاً على الزيادات الكبيرة في تعرفة الكهرباء على المشاريع الزراعية ، وأكد المهندس عثمان حامد السيد، رئيس جمعية قوشابي الزراعية التعاونية ممثل المزارعين في تصريحات للاعلام أن هذه الوقفة الاحتجاجية تجئ بسبب الزيادة الكبيرة في فاتورة الكهرباء وخاصة في المجال الزراعي وهذه الزيادة تؤدي فشل الموسم الشتوي في ولايتي الشمالية ونهر النيل.
وأضاف أن أكثر من (85% من المزارعين لايستطيعون دفع هذه الفاتورة مما يؤدي إلى انهيار الزراعة في الاقليم الشمالي. وأوضح أن هذه الاحتجاجات شعبية بحتة بعيداً عن العمل السياسي، وزاد نحن كلجنة منسقة لن نسمح لأي سياسي يعتلي هذه المنصة مؤكداً استمرار هذه الوفقة الاحتجاجية الى حين تلبية مطالبهم من قبل المسؤولين
وبالرغم من أن الحكومة بررت تبريراً غير مباشراً أن وضع التعريفة الجديدة للكهرباء منذ أكثر من شهرين لمقابلة تكاليف الصيانة والمصروفات على القطاع وترشيد الاستهلاك خاصة مع استمرار برمجة القطوعات ، إلا أن وزارة المالية لم تتبن قرار زيادة التعرفة صراحة.
وكان وزير المالية في الحكومة المحلولة جبريل إبراهيم قال إن السودان تخلى عن أهدافه للنمو الاقتصادي للعام المقبل ويستعد لفترة متواصلة من محدودية الدعم الخارجي، وذلك في تعليقه على توقف المساعدات الدولية بسبب انقلاب قائد الجيش، وأضاف نحن نبني سيناريو أسوأ الاحتمالات ونخطط للاعتماد على مواردنا الداخلية ، ولن نحقق النمو الذي كنا نخطط له وقال الوزير إن من بين تخفيضات الميزانية التي تدرسها الحكومة خفض دعم القمح والكهرباء.
لكن يبقى السؤال من هي الجهة المستفيدة من زيادة الكهرباء؟، و من الذي يريد أن يضاعف لهذا الشعب همومه ومعاناته المستمرة؟، زيادة تعرفة الكهرباء من الذي اصدر هذا القرار؟، فالمجلس السيادي الذي تقع عليه المسئولية المباشرة الآن عن البلاد ومعاش الناس ليس له علم بهذه الزيادة ولم يناقشها يوماً ولو بالخطأ في اجتماعاته ، ووزير المالية لم يصدر منشىوراً واحداً ممهوراً باسمه قرر فيه زيادة الكهرباء ،لذلك فإن هذا القرار ( اللقيط ) يؤكد ان وزير المالية يمارس عمله من البوابة الخلفية للوزارة ولايريد ان يتحمل مسئولية هذا القرار ، فكيف للكهرباء ان تقرر هذه الزيادات بعيداً عن موازنة العام الجديد ، إذاً اين تذهب هذه الاموال التي يدفعها المواطن من جيبه ، والكهرباء التي تقرر زيادة التعرفة من دون علم المالية ( تبقى تبع منو ) ؟!
فالقضية ليست قضية أهلنا في الشمال ولا يقف اثرها السلبي على الموسم الشتوي وضياعه وحسب ، القضية الآن تنعكس سلبا على كل المواطنين السودانيين ، الذين تحاصرهم المعاناة والظروف الاقتصادية التي أعيت كاهلهم ، زيادة الكهرباء قرار يجب ان تتراجع الحكومة عنه ، فإن لم تكن اصدرته فلتبحث عن الجهات المستفيدة عنه ، لانه يعكس حالة من الفوضى التي تعيشها البلاد في مواقع القرار السياسي والاقتصادي ، والذي ربما يكون بداية لاستمرار هذه الفوضى وقد يتفاجأ المواطن بزيادة الدقيق والوقود والسلع الضرورية من جهات غير معلومة ، فليس المؤسف ان تكون مشكلة المواطن زيادة عشوائية غير مبررة، المؤسف صدقاً ان تصب عليه القرارات دون أن تكون هناك جهة تتبناها وتكون مسؤولة عنها، فالمواطن الآن لا يسأل عن كم الذي يدفعه بل يسأل عن انه يدفع لمن ؟!
طيف أخير : ليس عدلًا أن تنتهي الفاجعة، ثم تسكننا النوبات إلى الأبد!!