صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الكلمة للشعب وللشارع

10

بشفافية – حيدر المكاشفي

الكلمة للشعب وللشارع

تأكد حتى لحظة كتابة هذا (العمود) نهار الأمس، أن اتفاقاً جرى قضى بعودة حمدوك رئيساً للوزراء وفق اعلان سياسي جديد اشتمل على خمسة عشر بنداً (تطالعون تفاصيله في مكان آخر بالصحيفة)، في الوقت الذي كانت فيه حشود جماهيرية كبيرة تتظاهر ضد الانقلاب بالسوق العربي مستهدفة الوصول الى القصر الرئاسي، الا ان القوات الأمنية باطلاقها الغاز المسيل للدموع بكثافة حال دون تحقق هدفهم، وكانت لجنة وطنية مؤلفة من شخصيات سودانية قد نشطت خلال اليومين الماضيين في قيادة مبادرة لحل الأزمة التي فجرها الانقلاب، فيما انبرى ناشطون وسياسيون واحزاب سياسية لمناهضة هذا الاتفاق، حيث اعتبره البعض اتفاق اذعان، كما أعلن حزب الأمة القومي عن رفضه لأي اتفاقٍ سياسي لا يخاطب جذور الأزمة التي أنتجها الانقلاب العسكري وتداعياتها من قتل للثوار الذي يستوجب المحاسبة، وكذا فعل حزب المؤتمر السوداني الذي نأى بنفسه من هذا الاتفاق وأعلن مناهضته له، وبالطبع سيكون الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين من أشرس المعارضين..

ولكن القول الفصل في هذا الاتفاق بقبوله أو رفضه، ليست للبرهان ولا قيادات الجيش من الانقلابيين (ناس كباشي وياسر العطا وابراهيم جابر) وبالضرورة ليست لدقلو، كما أنها ليست لحمدوك ولا لجماعة ما يعرف بالمبادرة الوطنية الجامعة التي مهدت لهذا الاتفاق، فالكلمة النهائية للشعب ولشبابه الثائر وشاباته الثائرات في الشوارع، اللذين واللائي بذلوا وضحوا وقدموا الشهيد اثر الشهيد، حتى بلغ عدد الشهداء خلال ثلاثة اسابيع من يوم الانقلاب والى يومنا هذا أربعين شهيدا وشهيدة غير عشرات الجرحى والمصابين، هؤلاء وحدهم هم أصحاب الحق و (الجلد والراس) في اعادة حمدوك بأمرهم وبشروطهم، فلا حمدوك ولا غيره كائنا من كان يملك شرعية التفاوض مع عسكر الانقلاب، وأيما تسوية أو معادلة أو اتفاق يخالف ويتجاوز رغبات وآمال وتطلعات الشعب والشارع ويحقق أهداف الثورة كاملة غير منقوصة، يبقى معزولا وسيجد رفضا قويا ومناهضة شرسة ومستمرة، فعودة حمدوك كانت اصلا متوقعة لأن عسكر الانقلاب وجدوا انفسهم في ورطة كبيرة لم يتوقعوها لحساباتهم الخاطئة، وظلوا خلال الاسابيع الماضية في بحث دائب عن ما يخرجهم من الورطة بما يحفظ ماء وجوههم، ولكن الشارع الثوري لن يقبل بأية مساومة أو اتفاق يبيع دماء الشهداء السابقين منهم واللاحقين، ولا يتسامح مع من يتنازلون عن القصاص للشهداء فأرواحهم ليست محل مساومة مهما كان..

ان الدرس الذي قدمته أزمة الانقلاب، تقف دليلا على أن الأنظمة مهما كان بطشها وعسفها، تظل عاجزة وغير قادرة علي الوقوف في وجه إرادة الشعوب، مهما بالغت في استخدام العنف والقوة المفرطة والمميتة، وان كلمة الشعب لابد أن تكون نافذة، والذكي والحصيف هو من يتجاوب معها بتواضع بدون استعلاء ولا غرور، فبعد أيام من المواجهات العنيفة بين المتظاهرين والأمن احتجاجا علي الانقلاب والاصرار العنيد على المضي في طريق المدنية والديمقراطية، خرجوا على الناس بهذا الاتفاق، الا ان هذا الاتفاق لن يكتسب شرعية ولا مشروعية الا من الشعب والشارع الثائر، فهؤلاء هم أصحاب المشروعية والمانح الأكبر للشرعية ويحق لهم منح هذه الشرعية أو سحبها وقتما شاؤوا، إذا ارتأوا أن مسار ما تم الاتفاق عليه سيقود البلاد في اتجاه معاكس لمصالحهم وتطلعاتهم وأهداف ثورتهم..فالكلمة الآن للشعب وللشارع ولثوار ديسمبر الأشاوس فماذا يقولون فالكلمة لهم..

الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد