* بينما يترقب الجميع إستئناف المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكرى والتوصل الى اتفاق نهائى يفضى الى الانتقال السلمى الى حكم مدنى، بعد التفاهم على معظم النقاط يوم الثلاثاء الماضى ( 14 مايو، 2019 )، ولم يتبق الا نقطتان تتعلقان بنسب التمثيل ورئاسة المجلس السيادى، تمارس قوات الدعم السريع هوايتها المحببة في الاعتداء على المعتصمين، واشاعة التوتر والغضب وتعكير الاجواء!!
* فوجئ الجميع قبل ساعة من أذان الإفطار أمس (الأربعاء) باعتداء قوات الدعم السريع على المعتصمين السلميين واصابة العديدين، ومحاولتها فتح شارع الجمهورية باستخدام القوة واطلاق الرصاص وهو عكس ما اتفق عليه المجلس العسكرى وقوى اعلان الحرية والتغيير بحل المشاكل المتعلقة بميدان الاعتصام ومحيطه بواسطة لجنة مشتركة، ولا يعرف احد حتى الآن لماذا لم يلتزم المجلس بالاتفاق إلا إذا كانت القوة التى حاولت فتح الشارع لا تخضع لأوامره، أو حاولت فتح الشارع من تلقاء نفسها بدون صدور تعليمات إليها، وهو أمر غير مستبعد خاصة انها لا تنتمى للقوات المسلحة السودانية، ولا تتمتع بالانضباط العسكرى المطلوب، وسهلة الاستفزاز، ولم تحصل على التدريب المطلوب !!
* اقل من 48 ساعة مرت على (الاثنين) الدامى والاعتداء على المعتصمين بشارع النيل، وها هو الإعتداء يتكرر أمس في شارع الجمهورية وينجم عنه سقوط تسعة مصابين، ثلاثة منهم في حالة خطيرة، ولا يدرى أحد ماذا يخبئ المستقبل، خاصة مع المحاولة الغريبة للمجلس العسكرى لتبرئتها من اعتداءات (الاثنين) وإلقاء التهمة على (طرف ثالث) وهو ما تنفيه الوقائع والمعطيات التى تؤكد انها مَن اعتدى على المعتصمين في شارع النيل، وها هى تعتدى عليهم في شارع الجمهورية، ومن المؤكد ان تبرئة المجلس لها من إعتداءات الإثنين، كان له دور في ذلك، ولا ندرى هل ستحصل على شهادة براءة جديدة من المجلس أم ماذا، وإلى متى ستستمر هذه الاعتداءات بدون ان تجد الحسم المطلوب؟!
* لا أريد أن أكرر ما قلته سابقاً عن الوضع القانونى الشاذ لقوات الدعم السريع الذى جعلها صنوا للقوات المسلحة، وعدم خضوعها إداريا وعسكريا للقيادة العامة، مما أعطاها الإستقلالية الكاملة وجعلها تابعة لشخص واحد فقط تتلقى منه الأوامر والتعليمات وتأتمر بأمره، ولا تأتمر بأمر أى شخص آخر أو جهة غيره، وربما كان هذا احد الاسباب الذى جعل المجلس العسكرى مشلولا عن اصدار الاوامر إليها، رغم أنه يمثل رأس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة الذى يجب ان تتبع له هذه القوات حسب الدستور الانتقالى لعام 2005 ، والذى قام المجلس العسكرى الانتقالى بتعليقه فور استيلائه على السلطة في الحادى عشر من أبريل الماضى، ولم يُصدر اى اوامر دستورية بديلة (إلا إذا حدث ذلك في السر) تحدد تبعية هذه القوات، وهو أمر لا يعفى المجلس العسكرى بأى حال من الأحوال من مسؤولية حماية المعتصمين من الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها، ويدعونى هذا للمطالبة مجددا بتصحيح الوضع القانونى المختل لهذه القوات فور الإتفاق على نقل السلطة الى حكومة مدنية!!
* الكل يعلم أن الجيش في أضعف حالاته بسبب التدمير المتعمد الذى وجده من النظام المخلوع خوفا من أن ينقلب عليه ويزيحه من السلطة إذا كان مؤهلا ومنظما بشكل جيد، ولكن لا يعنى هذا ان تسيطر قوات الدعم السريع بشكل كامل على المشهد في ولاية الخرطوم وعدد من الولايات الاخرى، وتقوم حتى بدور شرطة المرور، وتعتبر نفسها الآمر الناهى وصاحبة القرار في كل شئ، ولا بد للمجلس العسكرى وضع حد لهذه السيطرة، فورا وبدون تردد أو تأخير، وإلا فعلينا ان نتوقع المزيد من الاعتداءات، وربما وقوع كارثة كبرى على يد هذه القوات في الأيام القادمة حتى بعد التوصل الى اتفاق وانفضاض الاعتصام !!
* لا ننكر ان قوات الدعم السريع رفضت الاستجابة لاوامر الرئيس المخلوع بالتعامل مع المتظاهرين والمعتصمين باستخدام القوة قبل سقوط النظام، وكان لقائدها دور مقدر في تطمين الثوار بان قواته لن تعتدى على احد ولن تشارك في منع التظاهرات، فوجد التقدير والاشادة من الجميع، ولكن لا يعنى هذا بأى حال من الأحوال أن تكون لهذه القوات كل هذه السيطرة، وترتكب كل يوم عشرات الإنتهاكات والجرائم بدون أن تجد من يضعها في الحجم الذى يجب ان تكون فيه، أو يحاسبها او حتى يسألها .. لا بد من وضع حد لهذه الاعتداءات حتى لا نفطر يوما على على كارثة كبرى … أم أن هنالك مؤامرة يجرى تنفيذها باستخدام هذه القوات ؟!