أكثر من عشرة أيام غبت عن القارئ العزيز بسبب الكورونا اللعينة، فاتني خلالها تناول العديد من أحداث الساعة إبتداءً من إستقالة حمدوك وما صاحبها من ردود افعال متباينة أزعجت البعض وأرضت البعض الآخر، مرورا بمواكب الثوار المستمرة بأحداثها الصاخبة وإستشهاد العشرات من شباب السودان الغض على يد القوات المشتركة، تليها تراجيديا سرقة أصول ومقار بعثة اليوناميس بشمال دارفور بأيدي حراسها وحماتها من الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة، ثم ثورة أشاوس الولاية الشمالية وأسودها الضارية في إغلاق طريق شريان الشمال أمام حركة الصادر والوارد لدولة مصر المتهمة بإستباحة ثروات السودان عبر عملائها من قادة المكون العسكري، وليس إنتهاءا بمبادرة مبعوث الأمم المتحدة فولكنر بيريتس، إلى آخر أحداث الأمس التي تسيدت وسائل الإعلام بإستشهاد ثوار ببحرى والخرطوم على يد القوات النظامية الباطشة وإصابة العشرات إصابات متفاوتة من بسيطة لخطيرة (رحم الله شهدائنا الابرار وعاجل الشفاء لكافة الجرحى)، ثم (فرية مقتل عميد شرطة بالإحتياطي المركزي في موكب شروني بالخرطوم).
أحداث في مجملها مؤلمة وترقى لأن تكون متصدرة لأهم أحداث العالم إن كان هذا العالم يرى ما نراه بأعيينا وليس بعين المصالح والأجندة الضيقة.
ولنتحدث اليوم عن فضيحة قوات الإنقلابيين النظامية لنفسها وهي تنشر بيان عملية إغتيال قائد القوة المكلفة بقمع ثوار شروني، (عميد شرطة الإحتياطي المركزي)، حيث نسجت عدد من المواقع الموالية للإنقلابيين العديد من الروايات بأن العميد قائد القوة المكلفة بموكب شروني قُتل (بسكين أحد الثوار) ، ولم تمر ساعتان حتى نجح الثوار في كشف الحقيقة الصادمة بأن العميد قُتل قبل 16 ساعة من بداية الموكب، وفضح المخطط الذي أعده المجلس الإنقلابي ليمنح الشرعية لكافة القرارات المتخذة لاحقا ضد الثورة والثوار.
ما خلصت له مواكب الامس أن العديد من السيناريوهات قادمة لإثارة الفوضى في جميع أنحاء السودان وإقناع العالم بأن ثورة الشعب السوداني السلمية لأكثر من ثلاث سنوات، جنحت عن سلميتها وبدأت مرحلة الفوضى الخلاَقة التي ستقود إلى التدخل العسكري الدولي بغرض إنجاح المخطط الدولي الرامي إلى تقسيم السودان إلى دويلات صغيرة تستأثر كل دولة من دول المحور الإقليمي والدولي بنصيبها من جنود مرتزقة لثروات البلد الصامد عصيَ المنال.
تمسك السودانيون بنجاح ثورتهم وصمودهم أمام القوة العسكرية الباطشة، وتقديمهم لأرواحهم ودمائهم الطاهرة مهرا لسودانهم الجديد، يجعل كافة السيناريوهات المرسومة بأيدي أجهزة المخابرات الإقليمية تتعرى يوما بعد آخر وتتكشف للشعب وقادة المستقبل من شباب بات يعلم تماما كيف يدير معركته مع الإنقلابيين ومن يقف خلفهم من أنظمة دول أثبتت الشواهد ضلوعها في كل ما حدث منذ 25 اكتوبر إلى يومنا هذا.
الثورة السودانية ماضية إلى غاياتها بلا شك وحتما ستصل، فقط تحتاج إلى وحدة قوى الثورة الحية بعد أن لفظت المدعين والمتسلقين والإنتهازية من صفوفها، وحدة الصف الوطني هي الضامن الوحيد للعبور إلى دولة الحرية والسلام والعدالة.
لابد من قتل جرثومة الفرقة والشتات التي تأتي عبر بوابة التخوين والتشكيك في نوايا شركاء الثورة الحقيقيين، لجان مقاومة، مهنيين، أحزاب سياسية غير ملوثة، منظمات مجتمع مدني، كافة فئات الشعب السوداني الرافضة للإنقلاب هي شريك أصيل في هذه الثورة التي تحتاج إلى جسم ثوري واحد يعبر عنها أمام العالم.