لقد ضيّعت المهانة بلادنا وتركت الأبواب مُشرعة أمام كُل طامع فيها وما أكثرهُم ، لقد انشغل الساسة على مر سنوات ما بعد الاستقلال بما يُحقق طموحاتهم الشخصية وبما يخدم كياناتهم السياسية حتى ولو كلفهم ذلك فقدان البلاد كلها ، لا سيما في عهد الإنقاذ الذي تأكلت فيه أطراف البلاد وضاعت فيه مكتسبات أهلها ، إذ انشطر الجنوب باتفاقية عبثية ، وذهبت حلايب عقب عملية إجرامية ، حاولوا فيها اغتيال الرئيس حسني مبارك في الأراضي الأثيوبية ، والتي استغلت هي الأخرى تلك العملية ، وقامت باحتلال الفشقة الغنية في الحدود الشرقية ، وغضت الطرف مُتعمّدة عن أي اتفاقيات دولية أو ثنائية.
اليوم وبعد أن تنفّسنا الصعداء ، وانعتقنا ممن أوصّلوا البلاد إلى ما نحن فيه من بؤسٍ وخراب ، اليوم دبّت الروح فينا وفي قواتنا المُسلحة من جديد بعد رحيلهم ، وعاد الأمل يراودنا بغدٍ أتٍ أفضل بكثير من أمسنا (إن) تجاوزنا العراقيل ، وعاد الجيش إلى أمجاده القديمة بدخوله بعد الثورة المجيدة حرباً للكرامة ضد المُغتصِب بالرغم من الظروف الاقتصادية المعلومة ، قاتل ببسالة وطرد بقوة الأحباش من الأراضي المُحتلة ، فما من سببٍ يدعونا للتنازُل أو التراجُع عنها مرة أخرى لأي دولة كانت.
نُثمِّن تحفُظ السودان لمبادرة دولة الأمارات والتي اشترط السودان لقبولها وضع العلامات الحدودية وفقاً لاتفاقية العام 1902م كأساس لأي تعاون أو تفاهُمات لاحقه ، مع تمسكه بحقه القانوني في أراضيه ، وما أُخذ بالقوة لن يعود إلّا بها ، يكفي البلاد ما ضاع منها بسبب المهانة والموافقة على العودة إلى نقطة البداية التي انطلق منها الجيش لأي سبب من الأسباب تعتبر مفتاح دخول للاحباش عبر الأبواب لمناطق دخلوها من النوافذ في زمان الفوضى وانشغال القوم بتغطية جرائمهم ودمدمة مُصائبهم ، ومن يضمن لنا من أنكر الاتفاقيات الدولية التي تُثبت امتلاك السودان للأرض أن يُنكِر غداً غيرها من الاتفاقيات والمبادرات.
الفشقة ملك حر للسودان أثبتتها المعاهدات فما من سببٍ يدعو للتفاوض بضُعف مع من لا حق له فيها ، ومن يُريد الاستثمار فيها بالطرق القانونية المشروعة عليه أن يعترِف أولاً بأنّ السودان هو صاحب الحق الأصيل وله كامل التصرُف والحرية في أن يرفض أو يوافق على الاستثمار فيها وفقاً لقوانينه ، ذهب من استغلت أثيوبيا ضعفهم وساومتهم بالسُكات على جريمتهم مُقابل دخولها واستغلالها للفشقة وطرد أهلها منها في وضح النهار ونهب ثرواتها والنظام ساكت ، على الأمارات وغيرها من الدول التي تُحاول التدخُل كوسيط أن تُقدم ما تُريد من مُبادرات شريطة الاعتراف أولاً بأنّ أثيوبيا مُجرد مُغتصب للأرض والحق أولاً وأخيراً للسودان ، وإلّا فانّ للقوات المُسلحة تاريخ طويل وبطولات لا ولن يُنكرها إلّا المُكابِر.