صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الطريق الثالث مابين مسار الشرق وشوارع ترك

16

بشفافية – حيدر المكاشفي

الطريق الثالث مابين مسار الشرق وشوارع ترك

حالة الاحتقان والاستقطابات الجارية الآن في شرقنا الحبيب بلغت أعلى سقوفها، حيث دفع التصعيد الذي بدأت في تنفيذه المجموعة التي يقودها الناظر ترك، الى نشؤ تصعيد مضاد أعلنت عنه لجان المقاومة والمجلس الأعلى للادارة الأهلية بشرق السودان، ويخشى مع هذا التصعيد المتبادل وقوع مواجهات لا يحمد عقباها، خاصة اذا بلغ التصعيد بين الطرفين مرحلة (ركوب الراس)، وخطورة مثل هذه المرحلة لو قدر لها أن تستمر وتتصاعد وتضطرد، فان شرق السودان هو الذي سيروح ضحية بأكثر مما هو حاله اليوم ويصبح أثرا بعد عين، وعطفا على هذا الوضع المقلق والمنذر بشر مستطير وفتن كقطع الليل البهيم، لا أعتقد أن أحداً يستطيع مع هذا الحال الاجابة عن السؤال الصعب الى أين تمضي أزمة شرق السودان، ولا اعتقد ان أيا من كان بمقدوره تحديد الوجهة التي ستمضي اليها الأزمة، إلى المعالجة والانفراج أم أنها ستتدحرج إلى ما هو أسوأ، مالم تبرز حركة جديدة تفترع طريقا ثالثا يتخذ مساره مابين مسار الشرق وما اسميه شوارع ترك (نسبة لعمليات تتريس وقفل الطرق التي نشط فيها مؤيدوه)، فليس في مقررات مسار الشرق المرفوضة من قبل ترك وجماعته الحل، كما ليس في مخرجات مؤتمر سنكات الحل، وانما الحل في لقاء جامع تأتمر فيه كل مكونات الشرق بلا مرجعيات سابقة (لا مرجعيات جوبا ولا مرجعيات سنكات)، ولابد أيضا أن تبتدر هذا الطريق الثالث مجموعة ثالثة لا من الحكومة بشقيها العسكري والمدني ولا من أهل المسار ولا من جماعة ترك، بل مجموعة من الحكماء تعمل على دفع مختلف الأطراف بالشرق للجلوس معا في مائدة مستديرة للتوافق على رؤية موحدة، لا تنقذ الاقليم الحبيب من الهوة التي يكاد أن يتردى فيها وحسب، بل وايضا يمهد الطريق لعملية بناء ونهضة يحتاجها الشرق بشدة..
ان قضية الشرق شديدة التعقيد ولا شك وذات أبعاد متداخلة، ولا يمكن حلها إلا بتضافر جهود أهل المصلحة، فللشرق قضية عادلة ظلت تتفاقم بلا حل طوال عهود الحكم الوطني، ومايزال الشرق يحتاج إلى وصفة وطنية مخلصة تلملم أطرافه وتحلحل مشاكله وتطبب جراحه، ولكنه ويا وجعي عليه لم يجد بعد طبيبا مداويا ولا حكيما منقذا ولا برنامجا مجمع عليه، سوى نهج التشاكس وتباين الاراء واختلاف الرؤى، ولا يعلم القادم إلا الله طالما كان ذلك هو الحال والنهج..ولست هنا في مقام البحث عن مشاجب لتعليق معاناة الشرق عليها، فما يهمنا هو البحث عن الحكمة الغائبة حتى الآن، الحكمة المطلوبة لحل أيما مشكلة أو قضية عن طريق التفاوض والتراضي والاتفاق وليس أي أسلوب غيرها، فتلك هي خبرة البشرية ودرس التاريخ وسنته الماضية، فلا أقل من أن نعتبر بها، ولهذا سنظل دعاة تلاحم وتلاق وطني شرقاوي، ولن ندعو لشحن النفوس وازكاء ما يفرق حتى يعم الخراب كل الأنحاء والأرجاء، فحاجة الشرق الآن إلى حكماء يطببون جراحه وليس حكامات يزيدون حريقه بل اطفائيون يعملون على التهدئة لا الشعللة، وليحفظ الله الشرق ويجنبه كل شر..

الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد