قرأت باهتمام شديد، التصريح الذي أدلت به عضوة المجلس السيادي السيدة رجاء نيوكولا لـ(السوداني) أمس، والمتعلق بضرورة تعديل الوثيقة الدستورية للخروج من مأزق تعيين “رئيس القضاء”.
تصريح نيكولا، حول القضية ليس الأول لأعضاء السيادي، فقد افتتح محمد الفكي، الحديث حول الموضوع بتاريخ 21 أغسطس الماضي، حينما أعلن عن إرجاء اختيار رئيس القضاء والنائب العام، لوجود خلاف عليهما، وأنه سيتم إعلان اسميهما خلال ساعاتٍ قادمة!
وبالأمس تقول نيكولا “لحين صدور قانون لتكوين مجلس القضاء العالي؛ وللخروج من المأزق الدستوري يجب أن يتم تعديل الوثيقة”! وقد أقرت عضوة مجلس السيادة – خلال ذات التصريح – أن الوثيقة الدستورية الموقعة بين قوى التغيير والمجلس العسكري تعطي مجلس السيادة – فقط – حق اعتماد رئيس القضاء، ولا تمنحه حق التعيين. جميل أن يحسم مصدر مسؤول الجدل المتزايد حول الوثيقة الدستورية، وسط صمت مدهش ومحير من الجهاز السيادي والتنفيذي وقوى التغيير وبعض المكونات العسكرية! تعاظم الأمر بعد أن خرجت وثيقتان موقعتان؛ الأولى بتاريخ 4 أغسطس ليس بها نص يسمح لمجلس السيادة بتعيين رئيس القضاء، والثانية يوم 17 أغسطس أضيف عليها النص تحديدا في الماة 12 الفقرة (و).
أما الوثيقة الحقيقية فقد كانت مخبأة في مكانٍ آمن، وربما هي الآن في طريقها للضوء. من خلال الاطلاع على الوثيقة الدستورية، لا يحق لمجلس السيادة ومجلس الوزراء – معا – التعديل في نص الوثيقة، إنما يحق لهما القيام بمهام المجلس التشريعي إلى حين تشكيله.
واختصاصات المجلس التشريعي معروفة ومذكورة في الاتفاقية ليس من بينها التعيين، ولكن بها سن القوانين والتشريعات.
هناك نص واضح في خاتمة الوثيقة يقول: “لا يجوز إلغاء أو تعديل الوثيقة الدستورية إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي”.
هذا النص واضح لا يحتمل أكثر من تفسير.
ما عدَّته رجاء نيكولا بإمكانية مجلسي السيادة والوزراء تعديل الوثيقة، لم يرد، إنما فقط القيام بمهام المجلس التشريعي إلى حين تشكيله، لأن الوثيقة اشترطت أن التعديل لا يتم إلا بموافقة “ثلثي” المجلس”، وهذا المجلس مازال في رحم الغيب، كما أن تعديل الوثيقة ليس من اختصاص المجلس التشريعي، إنما أوكلت إليه المهمة في بند وضع في الخاتمة، حال رأت المكونات الموقعة ضرورة التعديل. ما هو متاح الآن بالنسبة للطرفين – سيادة ووزراء – ليس التعيين، إنما صياغة قانونين، الأول يسمح بتشكيل مجلس القضاء العالي الذي بدوره يعين رئيس القضاء، والثاني يسمح بتشكيل المجلس الأعلى للنيابة ليعين النائب العام. التعيين المباشر يُعدُّ خرقا للوثيقة، والتعديل المباشر كذلك، بل إن ما عرفته من الطرفين قبل التوقيع، أن فتح الوثيقة معني به عملية السلام وما يترتب عليها.
حتى لا يطعن أي فرد في هذه الوثيقة الدستورية من الأفضل السير على نهجها وما حددته.