تكتسب زيارة رئيس مجلس الوزراء د.عبد الله حمدوك ، إلى المملكة العربية السعودية أهميتها بجانب أهمية العلاقات التاريخية بين البلدين، من كونها زيارة ذات ابعاد واهتمامات إقتصادية ، بالرغم من وجود قضايا سياسية لاتقل أهمية ، ويبدو ان ملف الاستثمار السعودي في السودان ، سيكون من اهم الملفات التي تستدعي الاهتمام والبحث على طاولة الاجتماعات السودانية السعودية ، ويلتقي حمدوك بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وعدداً من المسؤولين السعوديين ويرافق حمدوك كل من وزراء شؤون مجلس الوزراء، والخارجية، والمالية، والزراعة والغابات، والاستثمار والتعاون الدولي، ومدير جهاز المخابرات العامة، ومحافظ بنك السودان المركزي ، ومن الملاحظ إن عدداً من الوزراء الذين يرافقون حمدوك يشغلون مناصب اقتصادية ، على رأسها وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، وكشفت تقارير اخبارية إلى ان الاستثمارات السعودية في السودان تصل الى اكثر من 700 مشروع استثمارى مصدق وبرأس مال يفوق ٦ مليارات دولار ، بينما المشاريع التي تعمل الآن أكثر من 150مشروع موزعة في القطاعات الثلاثة الزراعية والصناعية والخدمية ، في معظم ولايات السودان وتتركز معظمها في ولايات نهر النيل والشمالية والقضارف وشمال كردفان وولاية الخرطوم ، والنيل الابيض والازرق ويستأثر قطاع المشاريع الزراعية والانتاج الحيواني على اكثرها ، كما ان هنالك مشاريع صناعية في مجال الادوية وصناعة الاسمنت بالإضافة الى المشاريع في البنيات التحتية مثل شركات الطرق والجسور وغيرها.
ويمثل مجلس الاعمال السعودي السوداني عضوية رجال الاعمال السعوديين، الذي يلعب دوراً اساسياً وكبيراً في تطوير وتنمية العلاقة بين القطاع الخاص والحكومي وحماية مصالح هذه المشاريع.
هذا اقتصادياً، ولكن من جوانب سياسية ربما تلعب السعودية دوراً كبيراً في الوساطة بين السودان ومصر وإثيوبيا في خلافات سد النهضة والأقرب ان الرياض ستدعم الخرطوم في الدفاع عن حقوقها المائية مثلما تدعم مصر ، بالرغم من ان الرياض تحظى بعلاقات قوية مع الجانب الإثيوبي، لكنها لا تسطيع الضغط عليها وفي حال دخولها كوسيط ربما تصل إلى نتيجة، ويدعم السعودية نفوذها الكبير لكونها من أكثر الدول الخليجية تأثيراً في منطقة القرن الأفريقي لما لهما من استثمارات ومصالح كبيرة.
لكن هل مازال الوقت كافياً لممارسة الدول دور الوساطة والدخول على خط الأزمة، وهل القى فشل الولايات المتحدة الامريكية في وساطتها وعدم التوصل إلى حل بين الدول الثلاث حول ملء وتشغيل السد، بظلاله السالبة التي ربما تكون قتلت الرغبة عند عدد من الدول التي كانت تريد ان تلعب هذا الدور ، لاسيما ان فشل امريكا ترك إنطباعاً عاماً وكأنما ان المشكلة عصية على الحل، والسودان في حاجة ملحة لتحقيق أهدافه فتح نوافذ وآفاق ارحب في مجال الاستثمارات، هذا إن لم تواجه حمدوك ووفده عقبة في هذا الطريق وضعتها الولاية الشمالية مؤخراً عندما اصدرت قراراً قضى بالغاء وتقليص تراخيص وميزات وتسهيلات ومساحات لعدد (179) مشروعاً استثمارياً زراعياً بمحليتي القولد والدبة مع رد منفعة الأرض المخصصة لها لحكومة السودان.
طيف أخير:
سنكون يوماً ما نُريد لا الرحلةُ ابتدأت، ولا الدّربُ انتهى.