* يبدو أننا أمام إحدى المرات النادرة التى يعيد فيها التاريخ نفسه، وقد يسقط فيها ضحايا كثيرون .. فالمجلس العسكرى الانتقالى يمهد لفض اعتصام القيادة العامة الذى يدعو لتسليم السلطة للمدنيين بحجة انه صار مهددا للأمن. ذات المبرر الذى ساقته سلطات الأمن المصرية لفض اعتصام ميدانى رابعة ونهضة مصر فى 14 اغسطس 2013 ، ونجم عنه مجزرة كبرى بلغ عدد ضحاياها اكثر من 5500 مواطنا ما بين قتيل وجريح، حسب التقديرات الرسمية لوزارة الصحة المصرية !!
* على خلفية بعض احداث العنف التى وقعت خلال الايام الماضية في شارع النيل بالقرب من منطقة الاعتصام مثل تدمير عربة قوات الدعم السريع، لم يكن للثوار المعتصمين اى علاقة بها او بغيرها، وربما كان بعضها أو أحدها مفتعلا، صدرت عدة تصريحات من اللجنة الامنية للمجلس العسكرى ومن قيادة قوات الدعم السريع بان الاعتصام صار مهددا امنيا، تلاها مباشرة اغلاق مكتب شبكة الجزيرة الاعلامية بالخرطوم التى تنقل فعاليات الاعتصام على مدار الساعة على قناة (الجزيرة مباشر) بواسطة السلطات الامنية بدون إبداء اى اسباب غير امكانية نقلها لمشاهد فض الاعتصام عند وقوعها وهو ما لا تريده السلطات، بالاضافة الى استمرار الهجوم الحاد الذى يوجهه رئيس حزب الأمة (الصادق المهدى) الى (قوى الحرية والتغيير) وحديثه المتكرر ــ رغم إنتماء حزبه إليها ــ بافتقادها للتفويض الشعبى بهدف تجريدها من الدعم الشعبى العريض الذى تحظى به في الشارع!!
* الكل يعلم ان السبب الرئيسى لفض الاعتصام، سواء الذى شهدته القاهرة قبل اربع سنوات أو الذى تستعد قوات الدعم السريع لتنفيذه في الخرطوم، هو قمع الرأى الآخر وإسكات صوت المطالبين بالحكم المدنى، وليس لانه مهدد امنى، كما زعمت السلطات في البلدين !!
* المواطن الشجاع (ابراهيم بابكر ابراهيم) صاحب وسائق عربة ترحيل (أمجاد) والذى تعرضت عربته للتدمير الكامل في شارع النيل عندما حاول حماية عربة قوات الدعم السريع من التدمير، أجهض امنيات اللجنة الامنية للمجلس العسكرى باقناع الراى العام بأن الأعتصام صار مهددا للأمن كمبرر لفضه لاحقا، عندما وقف بكل جرأة امام المؤتمر الصحفى الذى عقدته اللجنة، نافيا كشاهد عيان ومشارك في الحدث أن يكون المعتصمون هم الذين دمروا العربتين، وأبان بكل وضوح ان من فعلوا ذلك هم شماشة (رباطة) اعتادوا على ارتكاب الجرائم بشارع النيل في المنطقة المعروفة باسم (كولومبيا) منذ وقت طويل .. !!
* هذه المنطقة هى جزء من شارع النيل، يرتادها المجرمون اصحاب السوابق ويمارسون فيها كل انواع الجرائم من نهب وسرقة وإرهاب المارة وبيع المخدرات والخمور تحت سمع وبصر السلطات بدون ان تفعل اى شئ لايقافهم، وكأنها في حالة تحضير لهم للاستعانة بهم في الموعد المضروب .. !!
* قبل ثلاثة ايام تعرضت عربة ترحيل تتبع للشرطة كانت تقل عددا من الصحفيين، لمحاولة تخويف وتدمير قبل ان يفلح سائقها في الهروب بها من المنطقة بدون حدوث اصابات، ولم نسمع عن اى تحرك من الشرطة او اية جهة رسمية اخرى للقبض على مرتكبى الجريمة وفتح بلاغات ضدهم وتنظيف المنطقة من المجرمين، وهو طبق السلوك السلبى للشرطة تجاه تدمير عربة قوات الدعم السريع وكأن ما حدث فعل مقصود او سيناريو تمهيدى لتبرير السيناريو النهائى بالتعاون مع بعض الجهات السياسية !!
* قد يبدو منطقيا ان ينتقد (الصادق المهدى) اتخاذ قوى الحرية والتغيير لقرار الاضراب في مواجهة المجلس العسكرى وتعنته غير الاخلاقى وغير المبرر بنقل السلطة الى الشعب، فحق الإختلاف مكفول، ولكن أن يظل الصادق المهدى مواصلا هجومه الشرس ضد حلفائه حتى بعد نهاية الاضراب، فهو أمر يدعو للاستغراب والتساؤل عن الهدف الحقيقى من الهجوم .. وماذا يريد الصادق المهدى، خاصة مع الرحلة التى قامت بها ابنته ونائبته (مريم الصادق) الى الامارات وعادت منها وقد تغيرت مواقفها ولغتها تماما تجاه ما يحدث في البلاد ؟!
* اخشى ان يكون ذلك جزءا من السيناريو المخطط لتغيير وجهة وهدف الثورة الشعبية، من ثورة لتحقيق تطلعات الشعب في الحرية والسلام والعدالة والدولة المدنية الديمقراطية، إلى ثورة لتحقيق تطلعات البعض في الجلوس على كراسى السلطة والجرى وراء المصالح الذاتية .. والخوف كل الخوف والعار كل العار ان تكون الوسيلة لتحقيق ذلك هى العبث بأرواح الشهداء وإراقة دماء المعتصمين !!
* قد ينجح المجلس العسكرى وحميدتى واتباعهم من السياسيين وتجار الدين في تحقيق كل او بعض مطامعهم .. ولكن ليعلموا تمام العلم ان شعبنا لن يرحمهم طال الزمن او قصر .. فميدان رابعة ليس ميدان القيادة وإن تطابق الفعل، والخرطوم ليست القاهرة وإن تشابه الحكام .. ومن يظن ان الشعب السودانى ينسى او يستكين، عليه أن يعيد حساباته جيدا قبل أن يفكر في تنفيذ مخططه اللعين !!