يوم واحد فقط وبضع ساعات فقط تفصلنا عن المؤتمر الصحافي لقوى إعلان الحرية والتغيير والخاص بإعلان أسماء أعضاء مجلس السيادة والإعلان عن الشكل النهائي (بإستثناء الاسماء) للحكومة المدنية الإنتقالية وتفصيل مطلوباتها بأشكالها الثلاث.
المؤتمر كما تم الإعلان عنه سيعقد بساحة الإعتصام بالقيادة العامة لقوات الشعب المسلحة قبلة الثوار والباحثين عن التغيير. وبما أن القيادة مكان مفتوح ويسهل إختراقه من قبل الثورة المضادة، فقد إنتشرت الكثير من المنشورات باسم المجلس العسكري الإنتقالي تنفي تسليم المجلس السلطة لحكومة مدنية حسب الإتفاق، ومنشورات أخرى تدعم هذه الشائعات بتحذيرها من دخول عناصر الأمن إلى ساحة الإعتصام وإحداث بلبلة وربكة وشقَ صف الثوار، وما إلى ذلك من البوستات الرامية لإحداث ربكة. وحرمان الثوار من التواجد. وربما يكون رد فعل للحملة الشعواء للشارع السوداني يوم امس والرافضة لتعيين عبدالماجد هارون وكيلا لوزارة الإعلام وهو المعروف بولاءه الأعمي للنظام البائد وعداوته الصارخة للإعلاميين، ثم إعفائه من منصبه بعد ساعات فقط كأسرع إقالة في تاريخ الثورة السودانية،
هذا الموقف عكس مكانة المجلس العسكري في الشارع، وكان اكبر إستفتاء لقراراته غير المهضومة، وتأكيد لرفض الشارع الحاد لما ظل يقوم به من تعيينات وإعفاءات دون إنتظار للحكومة المدنية المقبلة، مستخدما صلاحيات غير مخولة له من الاساس، ما يعني أنه يعيش حالة من التخبط وعدم التركيز. رغم أن هنالك من يراهن على أن المجلس العسكري يعي خطواته تماما، ويعمل على التأقلم مع الاعتصام والتظاهر من قبل الثوار لمدة طويلة، مستثمرا عامل الزمن حتى يتسرب الملل والاحباط إلى الشارع والمعتصمين فتتناقص أعدادهم تدريجياً مما يسهل من مهمة المجلس العسكري في فضَ الإعتصام، وبالتالي إجهاض الثورة رغم مخاضها العسير.
كل ذلك لا يعنينا في شئ بقدرما يقودنا إلى تحسس خطواتنا، والمطلوب فقط من الثوار هو الإمساك بقوة على ثورتهم والعضَ عليها بالنواجز، وعدم التفريط في شبر من ساحة إعتصامهم، وعدم التجاوب مع الدعوات لفضَ الإعتصام من خلال نشر الأكاذيب وإختلاق شائعات تعتمد على الكذب وتضليل البسطاء من ابناء الشعب الذين لا زالوا تحت تأثير العهد البائد وتحت سيطرة الفلول التي لازالت تقدل في الشوارع.
وايضا بعدم الإستجابة لأخبار المجلس العسكري الخادعة بإعتقال رموز النظام ونقلهم لمقرات آمنة كما يقولون، والمطالبة بأن يصاحبها اخضاعمهم لمحاكمات عاجلة على الهواء الطلق، يشاهدها كافة أبناء الشعب الذي تضرر من حكمهم، وهذا اقل ما يمكن ان يقدمه للثوار، هذا إذا ما وضعنا في الاعتبار ان المجلس العسكري لا يملك الشرعية التي تخول له هذه الاجراءات، ولكننا استندنا الى ذات الشرعية التي اكتسبها بإتخاذه خطوات إستباقية للحكومة الإنتقالية مثل تعييناته غير المبررة.
وهنالك نقطة ايضا لابد وان نضعها في الاعتبار ونتحسب لها تماما ونتمنى أن يضعها وفد التفاوض في حساباته، وهي أن المجلس العسكري في ظل مراوغاته المستمرة فإنه ربما يراهن على تقديم تنازلات من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير، تتمثل في القبول بعناصر ليست مقبولة في الشارع أو من فلول العهد البائد لتقديمها للحكومة الإنتقالية والعمل بذلك على دقَ أول إسفين في الحراك الثورة وبداية حقيقية وجادة للثورة المضادة، والمطلوب من الثوار تفويت الفرصة على المجلس العسكري، والتمسك بما يخرج به ممثلوهم في قوى إعلان الحرية والتغيير من مسميات وتسميات وعدم اللجوء لإجهاض الفكرة التي قامت لأجلها الثورة، فمؤكد أن الجهة التي قادت الشعب إلى هذه النقطة التاريخية لا يمكن ان تأتي بما يتعارض وأهدافه.