قدمت الأمم المتحدة الاسبوع الماضي، تقارير مخيفة للغاية، تستدعي قلق المسؤولين في الحكومة، وتضاعف من حجم المسئولية وحذرت الأمم المتحدة من خطورة تفاقم الأوضاع الاقتصادية في السودان وتأثيراتها على حياة المواطنين، وتوضح التقارير الأممية أن أسعار المواد الغذائية في البلاد تضاعفت ٨ مرات منذ بداية العام، وارتفعت تكلفة الخدمات الصحية بنسبة ٢٨٧،٥٪، في الوقت الذي يقول فيه مكتب تنسيق الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة (أوشا) إن ٩،٦ملايين سوداني عانوا ومازالوا يعانون انعداماً شديداً في الأمن الغذائي، ويضيف (أوشا) أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية والصحية سيؤدي إلى تفشي الأمراض وإلى العنف والنزاعات، وربما إلى حرب أهلية.
ويقول برنامج الغذاء العالمي، إن متوسط سعر سلة الغذاء المحلية ارتفع إلى ٨٠٠٪، في الفترة من أبريل وحتى سبتمبر ٢٠٢٠، مقارنة بالعام السابق الأمر الذي يؤكد تآكل القوة الشرائية للأسر، وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي، فإن التضخم في السودان سيبلغ معدلات غير طبيعية نتيجة عدم تطبيق سياسات تتعلق بالدعم الاجتماعي والسلعي وزيادة سعر الدولار، وبالمقابل فإن مستوى وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه السودان ما زال ضعيفاً رغم انعقاد عدد من مؤتمرات أصدقاء السودان.
والتقرير للأسف يرسم صورة قاتمة للأوضاع الاقتصادية في البلاد، التي حاولت قبِلاً الحكومة وضع حلول عاجلة لها عبر عقد مؤتمر اقتصادي لبحث كيفية حل الأزمة، لكن كانت نتائجه مخيبة للآمال، فبالرغم من توقعات بأن يتم إلغاء السياسات التي أجيزت في موازنة 2020 المعدلة من قبل مجلسي الوزراء والسيادة لحين تشكيل المجلس التشريعي، لكن توصيات المؤتمر جاءت بإجازة تحرير سعر الصرف في ظل عدم وجود احتياطي من النقد الأجنبي، كما أجازت زيادة أسعار المحروقات.
وهذا يعني ان حتى الحلول التي تقوم بها الحكومة لمعالجة المشاكل الاقتصادية تكون هي ذاتها إضافة جديدة لهذه المشكلات، لذلك لابد من تغيير الخطط التي استخدمتها الحكومة من قبل، والاتجاه الى حلول أخرى تدرس جيداً، كما ان حركة الإيقاع الحكومي لابد أن تكون بخطى أسرع لاسيما ان بطء الحكومة في التعامل مع الملف الاقتصادي، كان أحد أسباب توسع رقعة التدهور الاقتصادي، لهذا وغيره يجب أن تنتبه الحكومة التي يجب ان لا يكون تقرير الامم المتحدة ذهب مع الرياح، حتى لا تتفاجأ غداً بتقارير أخرى تثبت لها بالأرقام التي تؤكد انهيار اقتصاد البلاد في ظل إحجام المجتمع الدولي عن توفير الدعومات اللازمة للحكومة الانتقالية وتدهور القطاعات الإنتاجية بالبلاد، عندها لن يجدي الندم وقتها، ولا يكون ثمة مجال للإعتذار عن أخطاء دق لها ناقوس الخطر أكثر من مرة .
طيف أخير :
أزهر دون أن يسقيك أحد، كن لنفسك الساقي والماء والمنبع.