صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الأجور وتكلفة المعيشة

8

كلام صريح

سمية سيد

الأجور وتكلفة المعيشة


ما نعايشه من أوضاع يؤكد أن التقديرات التي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية على لسان وزير رئاسة مجلس الوزراء أحمد سعد عمر للحد الأدنى للأجور بنحو 9 آلاف جنيه هي الأقرب لواقع تكلفة المعيشة التي ترتفع بشكل مستمر.
نفى وزير مجلس الوزراء للخبر لا ينفي واقعية التقديرات رغم أن ما بها من زيدات يفوق 10 أضعاف ما هو عليه الحد الأدنى للأجور في الوقت الحالي والذي هو أقل من 700 جنيه.. مبلغ لا يغطي تكلفة احتياجات يومين لأسرة لا يزيد عدد أفرادها عن خمسة .
صحيح أن المبلغ المذكور قد يبدو مبالغاً فيه لجهة أن وزارة المالية ليس لديها الموارد الكافية للتغطية. لكن الصحيح أيضاً أن انفلات الأسعار وارتفاع تكلفة المعيشة التي تقفز ساعة بعد ساعة تضع الحكومة في موقف لا تحسد عليه في ظل اتساع الهوة بين الدخول والصرف.
آخر مرة اضطرَّت فيه الحكومة للاستجابة لضغوط اتحاد العمال كان عام 2013، وقد بلغت الزيادة على الراتب مبلغ 200 جنيه فقط. بعدها ظلت الأجور في تناقص بسبب التضخم وانخفاض قيمة الجنيه طيلة الخمس سنوات الماضية إلى أن تآكلت تماماً ولم تعد ذات قيمة .
ورغم ضعف المرتبات والأجور فقد ظلت الشكوى من بعض الفئات بعدم إيفاء وزارة المالية بالفصل الأول، ومن أكثر الفئات التي ترتفع أصواتها بالشكوى هم المعلمون فكثيراً ما تتراكم مرتباتهم لشهرين أو أكثر.
اتحاد العمال قال إنه اتفق مع وزارة المالية على زيادة الأجور في ميزانية 2019، لكنه ذكر أن المشاورات لم تصل إلى الاتفاق على تحديد حجم الزيادة، رغم أن ما يفصلنا عن إعلان الموازنة الجديدة أقل من ثلاثة أسابيع.
ما رشح يشير إلى أن زيادة الأجور في الموازنة الجديدة لن تزيد عن أكثر من 25% فقط؛ فإذا كان ذلك صحيحاً فهذا يعني أن الحديث عن زيادة الأجور ما هو إلا شعارات سياسية بعيدة عن الواقع.
في الأوضاع الطبيعية، وعندما تزيد أسعار السلع بمعدلات معقولة في ظل استقرار سعر الصرف، فإن الاتجاه نحو زيادة الأجور أمر غير مرغوب فيه؛ لكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية مع انفلات الأسعار وضعف الرقابة الحكومية تصبح زيادة الأجور شراً لا بد منه، لكن ليس بطريقة الحكومة الآن، ولا بطريقة المكاسب السياسية التي يبحث عنها اتحاد العمال .
فهي طريقة ستعجل الفجوة أعمق بعد أن يمتص السوق الزيادات، ويجعل الدخل يتآكل، وتزيد المعاناة، ليس للموظفون فقط، وإنما لعدد كبير من فئات المجتمع خاصة من هم على )باب الله(.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد