حوادث الاعتداء على الصحافيين والصحافة ليست جديدة، كانت موجودة منذ العهد البائد> صحيح أنها ليست كثيرة العدد مقارنة بدول أخرى أكثر انفتاحاً على الصحافة، لكنها نوعية ومؤثرة.
ورغم ذلك لم يخشَ يوماً الصحافيون من الضرب والركل و”اللز”، لكنهم كانوا وظلوا يتضايقون من إجراءات منع عملهم وحصولهم على المعلومة.
حالات عدم احترام الصحافيين، تبدو في كثير منها مدهشة، مثلاً ونحن في قاعة الصداقة بانتظار دخول ممثلي المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير للتوقيع على اتفاق 4 أغسطس، فاجأ أحد أفراد التأمين بمنع التصوير بـ”الموبايلات”.
المنع تمثل في أن لا يرفع أحدهم بيده الهاتف، وإلا كان ضمن المشكوك بهم، ظل ذلك الرجل – غريب الأطوار – يتحدث مع أي صحفي يعلي من “مسكة هاتفه”، فيأتي إليه ويطلب منه فتح “استديو الصور” كي يتأكد أن الهاتف يخلو من صور القاعة!
في لحظة انتفض الصحافيون في وجهه، ليس للديكتاتورية والتسلط وعرقلة العمل أو لفظاظة الأسلوب وانتهاك الخصوصية والتعدي على الآخرين، إنما للغباء الذي ظل يلازمه في أداء المهمة.
ما الذي يضيره أن يلتقط صحافي صوراً له مع آخر؟ أين المشكلة والأزمة؟
كان أول من صرخ على وجهه، مراسل الشرق الأوسط أحمد يونس، الذي ألهب حماس القاعة فقرر جميع الصحفيين مقاطعة التوقيع.
وصل العميد د. الطاهر أبو هاجه، مسؤول الإعلام في القصر، فطيَّب الخواطر وهدَّأها، وعدنا جميعنا إلى مكاننا، نلتقط الصور كيفما نشاء.
هذا مجرد نموذج لما يحدث كل بضعة أيام أمام الصحافيين من مضايقات لا تعد ولا تحصى، بعد الحكومة المدنية!
الزميلة رحاب عبد الله تعرَّضت لإهانة بالغة من “ورشة الخبراء السودانيين” في مجال الطاقة، لم تمنع من الدخول رغم وجود قنوات فضائية، إنما تعرضت للطرد وتفتيش الهاتف وأسوأ أنواع التعامل.
وبالأمس، سُمح لصحافيين ورُفض للبعض الآخر الدخول إلى المطار لتغطية تصريحات رئيس الوزراء. ورغم أن المبدأ غير مقبول لكن تطور الأمر لأسوأ من ذلك باشتباك وتعدٍّ على صحافيين، بينهم مرةً أُخرى أحمد يونس.
ماذا يضيرهم بدلاً من أن تدخل 10 قنوات أن تدخل 15 قناة، أو أن تدخل 7 صحف بدلاً عن ثلاث؟
صدرت أمس بيانات عدَّة تشجب وتستنكر الحادثة وتطالب بتحقيق عاجل..
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك اعتذر للصحافيين، “المُعتدى عليهم”، لفظياً وبدنياً، وهو سلوك راقٍ ومُقدَّر؛ لكن لا بد من ذمِّ هذا السلوك، ومحاسبة المخطئين وتعميم تحذير على جميع المؤسسات أن التعامل بهذه الطريقة يُعد من عظائم الأمور!