قرات في الأسافير ان هناك رجلا هولنديا تقدم بطلب للقضاء في بلاده ..طلب فيه تغيير تاريخ ميلاده ..وانقاص عمره عشرين عاما .من 69 الى 49 ..وعزز مطالبه بان عمره البيولوجي لا يتجاوز الخمسين ..قال انه قد عانى كثيرا عند طلب مواعدة النساء لانهن يعددنه شيخا كبيرا ..وهو لا يزال في مقتبل العمر ..فقط 49 ..عمر الزهور عمر الهناء .. طيب ..
بادئ ذي بدء ..لابد من تعريف العمر البيولوجي ..انه عمر حيوية وفعالية الجسد الحالية ويقاس من ناحية الكتلة الجسمية (الوزن والدهون في الجسم ) والصحة العامة (بالذات الهضم والمناعة ) والبيئة من حولك (الغذاء والتدخين والكحول ومدى تلوث المحيط الذي تعيش فيه ) ..و اخيرا نمط الحياة التي ينتهجها الانسان بما في ذلك العلاقات الانسانية والتمارين الرياضية.
كثيرا ما قلنا ان الشباب شباب الروح ..والعمر لا يقاس بالسنوات ..وان الأعمار مجرد أرقام ..هاهو العلم يصدقنا ..ما اكثر أؤلئك الذين يحسبون عمرهم بالسنوات ..عشرين او ثلاثين ..لكن الكآبة تحيط بهم ..ويصدرون النكد الى من حولهم …يرهقهم التدخين ..والعيش داخل المدن الملوثة ..يتعاطون اطعمة غير صحية ..تثقل الاجساد بقلة الحركة ..هؤلاء هم الشيوخ ..وليس مرتادي نادي الستينيات …(الخواجات) طول عمرهم ناس مبتكرين ..ومبدعين ..يعني شوف (الزول) دا ..مشى قاس عمره البيولوجي ..واتى بكل الوثائق والفحوصات لكي يتم اعتمادها ..ولسان حاله يقول (علم دا ولا مش علم يا متعلمين يا أولاد المدارس )..
القصة يا سادة يا كرام صار فيها مقاييس ومواصفات (غير) وهذا يعد فتحا في حد ذاته ..وطبعا سيكون له تأثيرات جانبية اذ ربما يستغل البعض هذا الاكتشاف ..ويرد بحسم على كل من يستنكر عليه فعل شئ بحكم السن بقوله (عيب عليك في العمر دا ) ..سيقول له (انا عمري البيولوجي صغير جدا ..ما تشوف الشيب دا ) ..لكن المهم ..ان الكثيرين سيغيرون اسلوب حياتهم عندما يعرفون ان هناك اشياء تشيخ بهم قبل الأوان ….التدخين .. الكحول .السمنة ..الكسل ..الغذاء غير الصحي ..كل هذه الاشياء تقودنا الى الهاوية ..بسرعة مخيفة . وفي المقابل هناك اشياء تعبر بنا الى بر الأمان…حياة متوازنة خالية من الضغوط ..ممارسة رياضة مثل المشي ..غذاء صحي طبيعي ..وعلاقات انسانية جميلة بعيدا عن الحسد والنكد والمشاكل العائلية ..
طبعا لو اردنا تطبيق فكرة العمر البيولوجي عندنا ..فالرماد بالتأكيد (كال حماد) ..والنتيجة ستكون وخيمة ونطلع جميعنا من اهل الكهف ..وسنكون قد تجاوزنا مدة الصلاحية باعوام كثيرة ..بل ربما نجد اناسا محتاجين (سمكرة من اول وجديد) ..واخرين المفروض يتم (فكهم ) اسبيرات .. لكنني لا اخفيكم سرا .. ان فكرة العمر البيولوجي قد نزلت علي قلبي بردا وسلاما …اولا لكي احسم الفوضى مع اولادي الذي يلحون اصرارا على معرفة سنوات عمري (بالطريقة التقليدية القديمة بتاعة سنة كدا وشهر كدا ) ..كل ما حال علي الحول من منتصف اغسطس واتت ذكرى مولدي ..تجدهم يتغامزون بخبث ..وهم يتساءلون ( عمرك بقى كم ؟) ….ثانيا ..للرد الحاسم ..لكل من تسول له نفسه بمناداتي يا (خالة ) ويا (عمتو) ..والايام دي ظهرت موضة دخيلة على مجتمعاتنا اسمها (ابلة ) و(طنط)…وطبعا ناس (آنتي ) يجنبوا يمين وما يخلطوا الصف …لكل هؤلاء وكل المتربصين بالأعمار ..نقول لهم ..المقاييس تغيرت والمواصفات اختلفت ..والعمر فعلا صار من الممكن شراءه..