حديث المدينة
عثمان ميرغني
ابن حلال يفتح الباب..
الحكومة القادمة هل هي آخر حكومة سودانية قبل يوم القيامة؟ لماذا –إذاً- يتعامل معها الغالبية وكأنها آخر فرصة وبعدها يُنفخ في الصور.. الذي أستطيع أن أقوله بكل يقين إنها حكومة التحديات والمخاطر.. لأنها ترث وضعاً كارثياً في كل أرجائه.. والذي يتولى منصباً في هذه الحكومة يضع نفسه في محك كبير.
لا أرى ما يدعو لكل هذا التشاقق والتفاصل والكر والفر الذي تسبب في تعويق إعلان هياكل الحكم لكل هذه المدة.. الوقت حرج للغاية وكل ساعة تمضي تصنع أمراً واقعاً يصعب التخلُّص منه.. ومهما كثر الجدال والتمحيص والأخذ والرد فإنه لن يأتي بأشخاص مبرئين من كل العيوب.. فلماذا التباطؤ؟
والأهم من كل ذلك.. هل بذل الشعب السوداني كل هذه الدماء والدموع لتكريس سلطان الأفراد مهما سمقوا؟ الحكم الراشد في عالم اليوم لا يقوم على أكتاف الأشخاص مهما ارتقوا بل تحرسه النظم والقانون والمفاهيم الحصيفة.. الجائزة التي يجب أن ينالها شعبنا عن صبره أن تؤسس له دولة لا تنتظر شطارة الشطار ولا تغرق بحمق الحمقى.. دولة سهل إدارتها لأنها تسير وفق النظم والقانون.. تماماً مثل الهاتف الذكي الحديث، كلما تقدمت صناعته سهلت إدارته وعظمت وظائفه التي يؤديها بأقل عدد من الأزرار.
اليوم يتوقع أن تعلن قوى إعلان الحرية والتغيير أسماء أعضاء مجلس السيادة.. ورغم أنني ظللت أنادي بحكم مدني كامل الدسم بموافقة وحماية عسكرية كاملة الدسم.. إلا أن الخيارات تذوب مع كل شمس يوم جديد.. فالأجدر أن نبدأ بدلاً من مزيد من الانتظار..
ورغم أن الخلافات السياسية لا تزال تضرب بشدة في المشهد السياسي السوداني إلا أن البصيرة الراشدة تستوجب القبول بالتوافق على ما سيعلن حتى قبل أن يعلن.. لا لشيء سوى تحريك الرياح لتدفع في شراع المركب المتوقفة.. ويظل ممكناً الجرح والتعديل في مقبل الأيام.
وللمساعدة أكثر في ترطيب الأجواء السياسية المشمسة، أقترح إعلان المشروعات الاقتصادية الكبرى التي يجب أن تتحقق عاجلاً.. فالتفكير بروح (الجائزة) دائماً يلين المواقف ويجعل الجميع يتطلعون للجائزة أكثر من المناصب والمزايا.. مثلاً.. مطلوب مشروعات عاجلة في مجالات الطاقة والنقل.. على سبيل المثال مشروع لمحطة طاقة شمسية أكثر من 2000 ميقا وات، أي ضعف الطاقة المنتجة من سد مروي.. ومشروع كتبت عنه هنا قبل سنوات وأطلقت عليه (عظم الظهر) Back bone لشبكة سكك حديدية تربط كل أطراف بلادنا وتصلح لتكون ناقلاً رئيسياً تعتمد عليه الدول المجاورة لنا في نقل صادراتها ووارداتها.. كل هذه المشروعات قابلة للتحقيق خلال عامين فقط.. ومجرد الإعلان عنها يوجه التفكير نحو التنمية بدلاً من أن يظل العقل الجمعي السوداني مشغولاً بالسياسة وأكوابها نصف الفارغة.
دعونا ننطلق فقد طال وقوف القطار في محطة (قنب).