لو أن رئاسة الجمهورية ستراجع عقود الاتفاقيات التي أبرمتها خلال السنوات الماضية ، مثل عقد إدارة الشركة الفلبينية لميناء بورتسودان الجنوبي ، كلما طالبت مجموعة من المواطنين بالمراجعة ، لأسباب وجيهة أو غير وجيهة ، لألغت الحكومة كل اتفاقياتها مع المستثمرين الأجانب والمحليين !!
الدولة لا تُدار بهذه الطريقة ، والسيد “محمد طاهر أيلا” لم يأت رئيساً للوزراء ليلغي كل قرار اتخذه “معتز موسى” أو “بكري حسن صالح” ، بل جاء ليبني على ما أسسا وأنجزا ، ثم ينطلق بالسفينة إلى الأمام ، دون ولاءات جهوية أو عواطف قبلية .
إن نكوص حكومة السودان عن عهودها ومواثيقها مع الشركات الأجنبية القليلة التي أقبلت على بلادنا رغم المشكلات والعقبات والحصار ، ينسف كل ما تبقى من سمعة ومصداقية حكومتنا في محافل الاستثمار الدولية ، ويصبح الانطباع العام الخارجي أنها حكومة مترددة ، ومضطربة ، ومتنازعة ، فما يُبرمه رئيس الوزراء الثاني من عقود ، ينقض غزله رئيس الوزراء الثالث ، وما يُصدق به )والٍ( من مشروعات ، ينزعه خلفه الوالي ، حتى لو كان تصديقاً لبناء صالة أفراح أو حديقة أطفال ، دعك من ميناء بورتسودان !!
مشاريع الدولة الاقتصادية لا ينبغي أن تفتي فيها قيادات )أهلية( أو سياسية ، بل هي ملفات )فنية( بحتة ، يناقشها الاقتصاديون وخبراء الإدارة ، ويقرر فيها مجلس الوزراء ، وليس رئيس الوزراء منفرداً .
ميناء الحاويات في بورتسودان ، ميناء بائس .. وفقير .. ومتخلف ، قياساً إلى الموانئ من حوله ، من السويس وبورسعيد إلى الإسكندرية ومن ميناء العقبة الأردني إلى ميناء جدة السعودي .
أما ما يقال من حكاوي عن أنه يدر على خزينة الدولة عشرات الملايين من الدولارات سنوياً ، ربحاً صافياً ، فإنه محض تلفيق يُكذّبه واقع الميناء العاجز حتى اليوم عن استقبال وتخليص الحاويات بالسرعة المطلوبة ، كما يحدث في كل موانئ العالم من حولنا .
وإذا كان بعض الفاشلين في إدارات سابقة أو لاحقة في هيئة الموانئ البحرية يريدون أن يُبقوا الحال على ما كان عليه ، بتلك الرتابة والسلحفائية .. والكسل ، فإنهم إنما يضرون بالدولة ، ويهزمون بورتسودان المدينة التي آن لها أن تنطلق وتتحرر من قيود التقليديين من أهل العصر الحجري .
يجب أن تمضي الحكومة في فتح ميناء بورتسودان للاستثمار الأجنبي ، بكل ما هو متاح من تسهيلات وامتيازات وضمانات ، بما يحقق زيادة كبيرة في إيراد الخزينة العامة من عائدات الميناء ، وما يؤدي إلى نهضة ورفاهية “بورتسودان” التي ما زالت تحلم بمياه شرب صالحة ونقية .
افتحوا بورتسودان .. وحرروها من ربقة هؤلاء المتكلسين محدودي الأفق .