:: الترهل لحد القبح هو لسان حال أجهزة الدولة في بلادنا، ترهل لحد القبح.. وعندما يفكرون في هيكلة جهاز حكومي مترهل، بحيث يكون رشيقاً وفاعلاً في الإنتاج أو الخدمات، فإنهم يتخلصون من الكفاءة المنتجة، ويبقون على الخلايا السرطانية التي شرع الدكتور محمد طاهر إيلا رئيس الوزراء في التخلص منها، وما المؤسسة العامة للنفط إلا محض نموذج.. وما أكثر قيود الإنتاج – وأوكار الفساد – التي تنتظر مقص طاهر إيلا.. فالمؤسسية هي التي تنهض بالشعوب والأوطان، وليست أوكار التمكين والأجسام الموازية لأجهزة الدولة.
:: وكما ذكرت في زاوية سابقا، ما لم تُحل المؤسسات محل الخلايا السرطانية الموازية لها، فلن تصلح حكومة طاهر إيلا ما أفسدته الحكومات السابقة.. وليمض طاهر إيلا على خطى إصلاح الجهاز التنفيذي بذات القوة التي حل بها المؤسسة العامة للنفط.. وكما يجد دعماً شعبياً، فيجب أن يحظى بدعم رئاسي يمكن من التخلص من كل كيانات التمكين التي ظلت تعربد خارج إطار مؤسسية الدولة، وما أكثرها.. هيئات، مجالس، صناديق، مؤسسات والكثير من مهدرات المال العام بواسطة فاقدي التأهيل وعاطلي الموهبة.
:: ومن يتباكون على حافة قبر المؤسسة العامة للنفط ويدبجون على شاهدها المراثي، يعلمون بأنها كانت موازية لوزارة النفط، ويعلمون بأن الدول المتحضرة تُدار فيها مناحي الحياة بواسطة حكومات صغيرة وذات كفاءة، ثم بأجهزة تحمل ذات مواصفات الحكومات من حيث الحجم والكفاءة.. ولذلك تقزمت هناك – في دول العالم الأول – سلطات الحكومة وأجهزتها الرسمية لحد الاكتفاء بالتشريع والرقابة، وتمددت سلطات المجتمع – بواسطة شركاته – على كل مواقع الإنتاج والخدمات.
:: وقبل قبح الترهل، إدارات وأقسام صغيرة – في وزارات الدولة – هي التي كانت تصنع المعجزات بلا صخب.. نعم، قبل أن يأتي القدر بزمان فيه يتم تفصيل الهيئات والمجالس والصناديق حسب مقاسات أطماع النافذين ومراكز القوى، وليس حسب حاجة الناس والبلد.
:: وما أكثر النماذج، لوزارات لم تعد ذات جدوى منذ تجريد إداراتها من السلطات واستبدالها بكيانات التمكين، وزارة الإعلام نموذجاً واضحاً.. والشاهد، كما لحكومة الحزب الذي كان حاكما عبقرية في تشليع الوزارات وتجريدها من السلطات، فلها أيضاً عبقرية في صناعة المصطلحات المراد بها تمكين الفيالق الفاشلة في مفاصل الأجهزة والخدمة المدنية.
:: فالحكومة الرشيقة ليست هي التي تكتفي فقط بوزارات محدودة، أو كما يظن البعض، بل هي التي تُملك الوزارات كامل سلطاتها، بحيث لا يتغول على سلطاتها أي كيان هلامي يديره نافذ أو مركز قوى.. وعلى سبيل المثال، إدارة صغيرة بالسلطة العامة للطيران المدني هي التي شيدت كل مطارات البلد بلا ضوضاء أو تبديد للمال العام.. ثم إدارة صغيرة بوزارة الري هي التي كانت تشيد السدود والخزانات بلا ضوضاء وإهدار المال العام، وليست البدعة المسماة )وحدة السدود(، والتي كانت )دولة داخل دولة(.
:: ثم إدارة صغيرة جداً بوزارة الإسكان هي التي كانت تؤدي مهام التخطيط والإشراف على مساكن الناس ومدائنها، وليس البدعة المسماة )صندوق الإسكان(.. وهكذا.. قبل قبح التمكين والترهل، كان الحال العام في بلادنا يمضي بسلاسة ورشاقة عبر مؤسسية أجهزة الدولة الرسمية ومؤسساتها المعترف بها دستورياً و)منطقياً(.. وكان الحال العام مؤسسياً وراسخاً.
:: وحفاظا على ما تبقى من المال العام، ومنعا لتقاطع السلطات وما فيها صراعات )عامة وخاصة(، ندعم قرارات رئيس الوزراء، نطالب بحل كل الخلايا السرطانية التي في جسد مؤسسية الدولة، ثم إعادة الهيبة والسطوة والقوة لوزارات الدولة وإداراتها.