صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أما بثورتك فحدث 

17
صباح محمد الحسن

أطياف – صباح محمد الحسن 

أما بثورتك فحدث 

حسمت مواكب ومليونيات ٢١ اكتوبر أمس جدلية الشارع لمن، وكسبت الجولة، وسطرت الثورة درساً بليغاً لا يشبه كل الدروس السابقة، ليس لأنه متفرد ومتميز وعظيم بكل تفاصيله، لكن لأنه جاء في وقت غطت سحابات الزيف سماء الوطن، ولأنه جاء بعد بعد ثلاث سنوات من انطلاق ثورة ديسمبر لكنه تجلى وكأنها (كانت أمبارح)، تفرده لأنه حافظ على الألق والبهاء في وقت اندثرت فيه كل ملامح ثورات الربيع العربي، التي نهش لحمها الطغاة، وجعلوها مجرد ذكرى عابرة، ثورة السودان أكدت أن شعبها معلم الشعوب.

وسألني المذيع عمار المغربي أمس على هواء اذاعة (برو ١٠٦.٦ ) عن سر الثورة السودانية ما الذي يجعلها تحافظ على شكلها حتى بعد مرور هذه السنوات؟ قلت له : لأنها في قلوب شعب عظيم تربى على الاخلاق والقيم والمبادىء ، وان الذي يستند ويتكئ على المبدأ والاخلاق لن يُهزم أبداً، ولأنها سلمية حافظت على سلميتها منذ انطلاقها وحتى يوم أمس، فكيف تضمن الالتزام بهذه السلمية عند الملايين الهادرة من الشباب إن لم يكن فعلاً يجمعهم قاسم مشترك واحد هو الاخلاق والمبدأ.

وكنا على يقين أن اكتوبر سيأتي مختلفاً سيغِير منه ابريل ويونيو وسيخشى ديسمبر المساس بهيبته، وقد حدث، جاء اكتوبر لا يشبه أحد، يحمل ملامح خاصته، منحنا الزهو والفخر، وجعل مشاعرنا تختلط ببعضها ضحكنا وبكينا، ذقنا طعم النصر وحلاوته، أشهدنا العالم من جديد ان السودانيين شعب يعتبر حالة خاصة لا يصلُح القياس عليها.

والملفت أيضاً هو مشاركة أعضاء لجنة التفكيك ووزراء حمدوك في مواكب ٢١ اكتوبر الذين أكدوا لمعارضيهم أن ليس ثمة شئ يخشونه او يخافونه هم أبناء الشارع جاءوا من صلبه، هو الذي يفوضهم وهو الذي يحق له ان يسحب هذا التفويض متى ما اراد ذلك، فوجود وزراء واعضاء المجلس السيادي وقياديين في الحكومة برهن أن لا حواجز بينهم وبين شعبهم فهذه أيضاً سُنة حميدة وجديدة، حتى لو وجهت لهم سهام النقد فلطالما انهم اختاروا أن يكونوا بين شعبهم في صف واحد تخلوا عن حراساتهم وخرجوا من مكاتبهم المغلقة وعرضوا أنفسهم للخطر، لاسيما ان شوارع الخرطوم محشوة هذه الأيام بكتائب الظل والمندسين من الفلول وغيرهم من الشخصيات الظلامية فهذه نقاط تحسب لهم.

وأما بثورتك فحدث، فهذا كان وفاء شوارع الخرطوم والولايات جميعها لثورتها ولعهدها مع الشهداء الذين ظللت أرواحهم هذه المواكب.

وماتبقى هو مسئولية الحكومة التي لابد لها من تحسم مواقفها وتتجاوز منعطفاتها، وتعيد حساباتها، لابد أن تجد لها سُلماً للارتقاء يجعلها بطول وقامة هذه الثورة، لابد من قرارات حاسمة، فالشارع يريد تحقيق أهداف صورته التي حملها هؤلاء المسؤولون على عواتقهم، ليعملوا بذات الهمة التي تعمل بها لجنة التفكيك، انظروا الى مكانة أعضاء اللجنة في قلوب الشعب لماذا حظيت اللجنة بكل هذا الحب والتقدير والاحترام لأنها لم تخن العهد ولم تنسيها المناصب وبريق السلطة عهد الشوارع، ظلت تعمل لأجل الثورة فقط لا لغيرها، وهذه الشرعية التي حظيت بها لن يستطيع أحد أن ينزعها منها، مهما تكالبت عليها الدسائس والمكايد ستصلح مايجب عليها اصلاحه لكنها ستستمر الى أن تحقق مراميها، لذلك يجب ان يقتدي وزراء حمدوك بها ويضعوا هذه الثورة نصب أعينهم ان كانوا صدقاً يريدون لهذا الوطن الامان والاستقرار والتقدم، أما ان استمروا على نهجهم الأعرج سيجدوا أنفسهم على قارعة الطريق ليس بانقلاب او اعتصام ولكن بكلمة وأمر هذا الشارع نفسه، لذلك ضعوا مطالب الثورة على طاولة اول اجتماع لكم ان كنتم حقاً فخورين بيوم أمس.

طيف أخير:

دعوات الشفاء العاجل للمصابين في مواكب اكتوبر الأخضر

الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد