صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أعداء الثورة داخلها

11

نبض الوطن

احمد يوسف التاي

أعداء الثورة داخلها

مخطئ تماماً من يبرر الفوضى، ومن لم يستنكر مظاهرها فليس إنساناً سوياً.. الفوضى أيّاً كان مصدرها ثواراً أم مندسين في أوسطهم أو أفراداً من الدعم السريع فهي مرفوضة تماماً، وقد سبق أن حذرنا منها وقلنا إن ثورة 19 ديسمبر ثورة وعي واستنارة.. انطلقت بوعي وإيمان، واستمرت كذلك سلاحها الفعال الذي ليس لها سواه سلميتها تلك، وقد حاول أعداؤها جرها إلى العنف لإيجاد مبررات لوأدها وإخمادها وفشلوا تماماً، فاستيأسوا وخلصوا منها نجياً لما استعصمت واستقوت بسلميتها…
مظاهر الفوضى التي نراها الآن في شارع النيل فيما يعرف بمنطقة كولمبيا والتي تروع الآمنين باسم الثورة السلمية فيها إساءة بالغة للثورة ووصمة عار في جبين الحراك الثوري كله، وتهشيم زجاج سيارات المارة باسم الثورة، فهو فعل عجز عنه أعداء الثورة أنفسهم، ولا شك أنهم هم الآن أكثر سعادة بهذا الفعل الإجرامي الذي يسيء لثورتنا السلمية التي جاءت لتخلص الشعب السوداني من الظلم والترويع والإرهاب والفساد والطغيان، فأي إساءة للثورة أكبر من هذا..
اقتحام أفراد من القوات النظامية بنك السودان ومحاولة انتزاع مرتباتها عنوة واقتداراً وتحت تهديد السلاح، يعتبر هذا الفعل القبيح قمة الفوضى التي تسيء للمجلس العسكري والجيش وقوات الدعم السريع وكل القوات النظامية والثورة السلمية إذا اُعتبر من نتائجها…
الإمعان في الإساءات الشخصية باسم الثورة للشيخ عبد الحي يوسف والإمام الصادق المهدي ومن هم على شاكلتهما لمجرد اختلاف في الرأي فيه نوع من الجنوح للظلم والسفه وفيه إساءة لثورة الوعي والاستنارة التي ترفع شعار (حرية سلام وعدالة)… فالشيخ عبد الحي يوسف وأنصاره أبدوا مخاوفهم على دينهم، فكان بالإمكان لقوى الحراك الثوري أن تكسبهم إلى صفها ببث الطمأنينة في أنفسهم ومخاطبة مخاوفهم عوضاً عن التصدي لهم بالإساءات الشخصية والإسفاف…
الصادق المهدي وحزبه هو جزء أصيل من الثورة ومتفق تماماً مع أهدافها، لكنه يختلف في وسائل تحقيق تلك الأهداف، فهل من الحكمة والتعقل أن نخلق منه عدواً للثورة، فنستعديه ونجعله والنظام المخلوع سواء، ونشعل الأسافير في شتمه والإساءة له وأسرته.. هذه كلها مظاهر فوضى تخصم من الثورة الكثير وتسيء إليها وتعمل على تغبيش وعيها.
أعجبني حديث الأمين العام للمؤتمر السوداني خالد عمر عبر قناة (الحدث) حينما أراد مقدم البرنامج أن يضعه في مواجهة مع صديق الصادق المهدي الذي رفض حزبه الإضراب، فتحدث خالد عمر بعقلية السياسي الحكيم والثوري الناضج، وأكد لسائله أن حزب الأمة حزب أصيل في الحراك الثوري وهو فصيل مهم في قوى التغيير ويحترم وجهة نظره المخالفة، وأشار إلى أن إشادة المجلس العسكري به هي محاولة لدق إسفين بينه وبين قوى الحرية… وفي ظني إذا كانت كل قوى الحرية والتغيير تفكر بهذه الطريقة الاستراتيجية وبهذه العقلية المنفتحة التي لا تضمر العداوات وتختزل البغضاء نتيجة لخلافات قديمة، لكان الأمر مختلفاً جداً عما نحن فيه الآن من تكلس وضيق أفق سياسي ونتائج سلبية، وتوقعات بضياع ما تم من مكاسب… الثورة ستكون بخير إذا نظفت صفوفها من مثيري الفوضى وأرباب الأفق السياسي الضيق.. اللهم هذا قسمي في ما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد