* مع صدور قرار تعويم الجنيه لا بد من تشديد الرقابة على الاسواق وضبط جودة السلع والاسعار، وتفعيل آليات تنفيذ المراقبة والضبط الاتحادية والولائية لمنع عديمي الضمير والتجار الجشعين من استغلال الانخفاض المتوقع لقيمة الجنيه والضغط على المواطن بزيادة الاسعار بمناسبة وبدون مناسبة!
* صحيح أن الانخفاض المستمر في قيمة الجنيه يؤثر بشكل مباشر على كل مجالات الحياة وعلى أسعار السلع باعتبار أن أغلبها مستورد من الخارج بعد أن دمر النظام البائد كل القطاعات المنتجة في الزراعة والصناعة والمجالات الاخرى، مما ادى لانهيار الصادرات رغم أسبقية السودان في تصدير عدد كبير من السلع الحيوية مثل زيوت الطعام والصابون والنسيج والحبوب والقطن، وتحولنا الى مستهلكين بعد ان كنا منتجين .
* لقد كان بإمكاننا بعد استخراج البترول وتصديره، أن نتحول الى دولة محترمة تسدد كل ديونها الخارجية، وتعتمد على نفسها وتملك قرارها، وتأكل بالفعل (مما تزرع وتلبس مما تصنع) ــ كما كان يردد النظام البائد ــ خاصة مع الإمكانيات والموارد الطبيعية والبشرية التي أنعم الله بها علينا، ولكننا ابتلينا بحكام فاسدين لصوص مجرمين دمروا السودان وحولونا مع سبق الإصرار والترصد الى شعب جائع فقير، ولكنهم فشلوا في كسر همتنا وانتزاع ثوريتنا فثرنا عليهم وأسقطناهم في مزبلة التاريخ!
* غير أن الكثيرين، للأسف الشديد، استغلوا أجواء الحرية التي عمت البلاد بعد سقوط النظام البائد وتراخى بعض الأجهزة الأمنية والرسمية، ليعيثوا فساداً ويتلاعبوا بأسعار السلع بدون رادع من قانون أو وازع من ضمير أو اخلاق، مستغلين الأزمة الاقتصادية الطاحنة والتدهور المستمر في قيمة الجنيه السوداني كمبرر لرفع الاسعار يومياً بوتيرة أسرع كثيراً من انخفاض قيمة الجنيه الذى يتحججون به، وصار كل صاحب سلعة، وكل مستورد وكل تاجر جملة وكل تاجر قطاعي يعمل بمزاجه وهواه، وغابت الدولة تماماً ، مما اشاع الفوضى وتحول السوق الى نار جهنم تحرق كل من يقترب منها!
* الآن اتخذت الحكومة القرار الصعب بتعويم الجنيه على امل ان يساعد في تعاون المجتمع الدولي مع السودان في علاج الازمة الاقتصادية ومعالجة الديون الخارجية وتقديم القروض ..إلخ .. وهو أمر يحتاج الى وقت وصبر وتضحيات، ولا شك ان البعض سيستغل الانخفاض المتوقع في قيمة الجنيه ليواصل التلاعب والجشع والانانية ورفع الاسعار لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب الجماهير، الأمر الذى يحتم على الدولة أن تظهر (العين الحمرة) وتعمل بكل جدية وحزم على ضبط الاسواق والاسعار من خلال قوانين وآليات واضحة تشارك فيها كل اجهزة الدولة بالإضافة الى المشاركة الشعبية الفعالة من خلال لجان الأحياء والاسواق في المراقبة والتبليغ!
* ولا بد ان ترتفع الاجهزة الامنية والرسمية لمستوى المسؤولية، وتترك التراخي الذى ظلت تمارسه منذ سقوط النظام البائد، وتجتهد في محاربة التجارة غير المشروعة للعملة خارج القنوات الرسمية، وكسر شوكة الفلول الذين ينشطون لإضعاف هيبة الدولة والتضييق على الناس بكل السبل والوسائل بما في ذلك التزوير والتهريب والاتجار غير المشروع في العملة!
* لا بد ان تضرب الدولة بيد من حديد على كل الفاسدين والمتلاعبين، فالحرية لا تعنى الفوضى واستغلال حاجة الناس.. وليس هنالك دولة بدون أسنان ، ولا ديمقراطية بدون قانون !