:: كما أفسدوا وأضاعوا أشياء كثيرة، فإن أخبار الطقس الصادرة عن هيئة الإرصاد الجوية أيضاً لم تكن ذات قيمة في عهد النظام المخلوع، لحد حجبها عن تليفزيون البلد لأسباب أقبح من ذنب الحجب، بحيث أسموها – بلا حياء – بالأسباب المالية.. سرقوا وأهدروا أموال البلد، وبخلوا عن تمويل نشرة أخبار الطقس.. واليوم، يبدو أن كوارث السيول والأمطار والفيضان أعادت لأخبار الطقس قيمتها، ويجب أن تعود إلى الإذاعات والقنوات ..!!
:: وما يُحكى عن نوادرالرئيس الراحل نميري، رحمة الله عليه، احتجت هيئة الإرصاد على تردي وضعها، وطالبت بتحسين الوضع، وقدمت قائمة مطالب، ومنها ( بدل لبس)، لأنهم يطلون على المشاهدين عبر التليفزيون عند النشرة الجوية..وافق نميري على المطالب، و لكن رفض طلب (بدل اللبس)، وخاطبهم غاضباً : (لبس شنو؟، إنتوا ما تظهروا في الشاشة، ظهروا العصاية بس)، وكان يقصد المؤشر الذي يستخدمه مقدم النشرة و يتجول به على ..(خارطة الطقس)..!
:: والشاهد منذ أغسطس العام 2013، غابت خارطة الطقس عن شاشة تليفزيون البلد، لأن ميزانية التليفزيون عجزت عن قضاء بعض حوائج هيئة الإرصاد وتكاليف نشرتها الجوية، أو كما برروا ..وهو تبرير فطير ومستفز.. فالحقيقة هي أن الخيال الإداري بالتليفزيون كان أضيق من أن يستوعب ويفهم قيمة النشرة الجوية وجدواها في حياة الناس والبلد..فالنشرة الجوية كانت عند هذا الخيال الضيق مجرد مؤشر – أوعصاية كما أسماها نميري – يتحرك يميناً ويساراً على الشاشة ..!!
:: واليوم، بالقنوات العالمية – والمحلية المحترمة – لم يعد للنشرة الجوية (موعد محدد)، مع أخبار التاسعة كما كانت قبل تغييبها في عهد النظام المخلوع، بل هي نشرة على مدار اليوم والساعة، بحيث تجد أحوال الطقس و درجات الحرارة على شريط إخباري لا يغيب عن الشاشة إطلاقاً..فالإنسان عندهم بحاجة إلى معرفة خبايا الطقس اليومي وخفايا المناخ السنوي، ولذلك يخدمونه على مدار الساعة بأحوال الطقس والمناخ ليتحسب لما قد يحدث..!!
:: ولكن هنا، في عهد التواكل والخمول، أجهزة الدولة المكلفة بخدمة الإنسان لم تكن تخدم هذا الإنسان المنكوب إلا بـ (المفاجآت).. يتفاجأ بالفيضان ومخاطره.. يتفاجأ بالجفاف.. يتفاجأ بالأمطار تهدم منزله وبالسيول تجرف مزرعته وتقطع طريقه..وهكذا.. رغم توفر العقول والتكنولوجيا القادرة على (التنبؤ والاستنتاج )، بغرض التحسب و(الحيطة والحذر)، كانت كل تفاصيل ومسارات الحياة العامة والخاصة في بلادنا تمطي صهوة (فرس المفاجآت)..!!
:: وكل ذلك لأن بؤس النظام كان عاجزاً عن تسخير العقول والتكنولوجيا لخدمة المواطن.. وفي الخاطر، قبل أربع سنوات، كان بعض النواب بولاية الخرطوم طالبوا الحكومة بعدم اعتماد تقارير هيئة الإرصاد، باعتبارها مشكوك فيها، وباعتبار خبرائها وعلمائها ( منجمون).. تأملوا الجهل حين يكون (مسؤولاً)..علماء وخبراء، بين ليلة وضحاها، صاروا ( منجمين)، بأمر سلطة تشريعية ورقابية كانت مسماة بالمسؤولة ..!!